فإن دفع إليها سويقا أو دقيقا أو خبزا لم يلزمها قبوله، لأنه طعام وجب بالشرع فكان الواجب فيه هو الحب كالطعام في الكفارة، وإن اتفقا على دفع العوض ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز لأنه طعام وجب في الذمة بالشرع فلم يجز أخذ العوض فيه كالطعام في الكفارة.
والثاني: يجوز وهو الصحيح لأنه طعام يستقر في الذمة للآدمي، فجاز أخذ العوض فيه كالطعام في القرض، ويخالف الطعام في الكفارة فإن ذلك يجب لحق الله تعالى، ولم يأذن في أخذ العوض عنه، والنفقة تجب لحقها وقد رضيت بأخذ العوض.
(الشرح) الأحكام: نفقة الزوجة معتبرة بحال الزوج لا بحال الزوجة فيجب لابنة الوزير أو رئيس الدولة ما يجب لابنة الحارس، وهي مقدرة غير معتبرة بكفايتها. وقال مالك: نفقتها تجب على قدر كفايتها وسعتها، فإن كانت ضعيفة الاكل فلها قدر ما تأكل. وإن كانت أكولة فلها ما يكفيها وقال أبو حنيفة: إن كانت معسرة فلها في الشهر من أربعة دراهم إلى خمسة.
وإن كانت موسرة فمن سبعة دراهم إلى ثمانية، فإذا حولنا هذه المقادير إلى نقدنا المعاصر في مصر حرمها لله كان الدرهم يساوى خمسين قرشا.
وقال أصحاب أبي حنيفة: إنما قال هذا حيث كان الرخص في وقته، فأما في وقتنا فيزاد على ذلك. ويعتبرون كفايتها كقول مالك. لما روى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لهند " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " ودليلنا قوله تعالى " لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " وأراد أن الغنى ينفق على حسب حاله، والفقير على حسب حاله، ولقوله تعالى، " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " وأراد بالمعروف عند الناس، والعرف والعادة عند الناس أن نفقة الغنى والفقير تختلف، ولأنا لو قلنا إن نفقتها معتبرة بكفايتها لأدى ذلك إلى أن لا تنقطع الخصومة بينهما ولا يصل الحاكم إلى قدر كفايتها فكانت مقدرة