في القديم هو لهما وتنتشر الحرمة بينه وبينهما، لان زيادته عند حدوث الحمل ظاهر في أنها منه، وبقاء لبن الأول يقتضى كون أصله منه فجيب أن يضاف إليهما، وبهذا قال الحنابلة، الثاني هو للأول لان اللبن له بيقين، ويجوز أن تكون الزيادة بسبب التغذية أو استدرار الطفل للثدي فينشط الثدي نتيجة الاحساس بالأمومة لدى المرضعة فيثور لبنها لأسباب نفسية من الرحمة يقذفها الله في قلب المرأة، وقد حدث لي وأنا رضيع فقد ماتت الأم بعد ولادتي بستة أشهر وكانت جدتي لأبي تبلغ من العمر زهاء الثمانين عاما فثار اللبن في ثدييها رحمة بي واشفاقا على من الهلاك: وهذا من الأسباب التي هيأها الله لي أن أعيش وقد حرمت على بنات أعمامي وبنات عماني، وظل اللبن في ثدييها إلى أن أدركتها المية على رأس المائة، وإنما يخلق الله اللبن للولد عند وجوده سدا لحاجته وحفظا لحياته، وقال أبو حنيفة هو للأول ما لم تلد من الثاني 5 - انقطع اللبن من الأول ثم ثاب بالحمل من الثاني ففيه ثلاثة أقوال (أحدها) أنه ابن الأول وهو قول أبي حنيفة، لان الحمل لا يقتضى اللبن، وإنما يخلقه الله تعالى للولد عند وجوده لحاجته إليه، وقد سبق عند الكلام على قوله في الجديد (الثاني) أنه ابن الثاني، وهو اختيار أبى الخطاب من الحنابلة، لان لبن الأول انقطع فزال حكمه بانقطاعه وحدث بالحمل من الثاني، فكان له كما لو لم يكن لها لبن من الأول (والثالث) أنه ابنهما، وذلك لان اللبن كان للأول فلما عاد بحدوث الحمل، فالظاهر أن لبن الأول ثاب بسبب الحمل الثاني، فكان مضافا إليهما كما لو لم ينقطع قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن وطئ رجلان امرأة وطئا يلحق به النسب فأتت بولد وأرضعت بلبنه طفلا، كان الطفل ابنا لمن يلحقه نسب الولد، لان اللبن تابع للولد، فإن مات الولد ولم يثبت نسبه بالقافة ولا بالانتساب إلى أحدهما - فإن كان له ولد - قام مقامه في الانتساب، فإذا انتسب إلى أحدهما صار المرضع ولد من انتسب إليه، وإن لم يكن له ولد ففي المرضع بلبنه قولان