فإن دخلها ناسيا لليمين أو جاهلا بالدار، أو أكره حتى دخلها ففيه قولان (أحدهما) يحنث لأنه فعل ما حلف عليه فحنث (والثاني) لا يحنث وهو الصحيح لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ولان حال النسيان والجهل، والاكراه لا يدخل في اليمين كما لا يدخل في الأمر والنهي في خطاب الله عز وجل وخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا لم يدخل في اليمين لم يحنث به، وإن حمله غيره مكرها حتى دخل به ففيه طريقان، من أصحابنا من قال فيه قولان، كما لو أكره حتى دخلها بنفسه، لأنه لما كان في حال الاختيار دخوله بنفسه ودخوله محمولا واحدا، وجب أن يكون في حال الاكراه دخوله بنفسه ودخوله محمولا واحدا ومنهم من قال لا يحنث قولا واحدا، لان الفعل إنما ينسب إليه، إما بفعله حقيقة أو بفعل غيره بأمره مجازا، وههنا لم يوجد واحد منهما فلم يحنث (الشرح) الحين الوقت، والدهر الأمد الممدود، وقيل الدهر ألف سنة، قال ابن سيدة: وقد حكى فيه الدهر بفتح الهاء، فإما أن يكون الدهر والدهر لغتين كما ذهب إليه البصريون في هذا النحو فيقتصر على ما سمع منه، وإما أن يكون ذلك لمكان حروف الحق فيطرد في كل شئ، كما ذهب إليه الكوفيون قال أبو النجم:
وجبلا طال معدا فاشمخر * أشم لا يسطيعه الناس الدهر قال ابن سيده: وجمع الدهر دهر ودهور. وكذلك جمع الدهر، لأنا لم نسمع أدهارا، ولا سمعنا فيه جمعا الا ما قدمنا من جمع دهر دهر. فأما قوله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " فمعناه أن ما أصابك من الدهر فالله فاعله ليس الدهر، فإذا شتمث به الدهر فكأنك أردت به الله. قال الجوهري: لأنهم كانوا يضيفون النوازل إلى الدهر، فقيل لهم " لا تسبوا فاعل ذلك بكم فإن ذلك هو الله تعالى، وفي رواية " فإن الدهر هو الله تعالى "