واحتجوا ثانيا بأنه عاص بفعله فلا يزول عنه الخطاب بالسكر ولا الاثم لأنه يؤمر بقضاء الصلوات وغيرها مما وجب عليه قبل وقوعه في السكر، وأجاب الطحاوي بأنها لا تختلف أحكام فاقد العقل بين أن يكون ذهاب عقله بسبب من جهته أو من جهة غيره. إذ لا فرق بين من عجز عن القيام في الصلاة بسبب من الله أو من قبل نفسه، كمن كسر رجل نفسه فإنه يسقط عنه فرض القيام. وتعقب بأن القيام انتقل إلى بدل وهو القعود فافترقا وأجاب ابن المنذر عن الاحتجاج بقضاء بالصلوات بأن النائم يجب عليه قضاء الصلاة ولا يقع طلاقه لأنه غير مكلف حال النوم بلا نزاع واحتجوا ثالثا بأن ربط الأحكام بأسبابها أصل من الأصول المأنوسة في الشريعة، والتطليق سبب للطلاق فينبغي ترتيبه عليه وربطه به وعدم الاعتداد بالسكر كما في الجنايات. وأجيب بأن الاستفسار عن السبب للطلاق هل هو إيقاع لفظه مطلقا؟ ان قلتم نعم لزمكم أن يقع من المجنون والنائم والسكران الذي لم يعص بسكره إذا وقع من أحدهم لفظ الطلاق. وإن قلتم إنه ايقاع اللفظ من العاقل الذي يفهم ما يقول فالسكران غير عاقل ولا فاهم، فلا يكون ايقاع لفظ الطلاق منه سببا.
واحتجوا رابعا بأن الصحابة رضي الله عنهم جعلوه كالصاحي، ويجاب بأن ذلك محل خلاف بين الصحابة كما بينا واحتجوا خامسا بأن عدم وقوع الطلاق من السكران مخالف للمقاصد الشرعية لأنه إذا فعل حراما واحدا لزمه حكمه، فإذا تضاعف جرمه بالسكر وفعل المحرم الاخر سقط عنه الحكم، مثلا لو أنه ارتد بغير سكر لزمه حكم الردة فإذا جمع بين السكر والردة لم يلزمه حكم الردة لأجل السكر ويجاب بأنا لم نسقط عنه حكم المعصية الواقعة منه حال السكر لنفس فعله للمحرم الاخر وهو السكر، فإن ذلك مما لا يقول به عاقل، وإنما أسقطنا عنه حكم الصاحي فلم يكن فعله لمعصية الشرب هو المسقط.
ومن الأدلة الدالة على عدم الوقوع ما في صحيح البخاري وغيره أن حمزة سكر وقال للنبي صلى الله عليه وسلم لما دخل عليه هو وعلى " وهل أنتم الا عبيد لأبي "