أيام، لأنه قد يحتاج إلى الفكر والنظر فيما يقدم عليه من النفي، فجعل الثلاث حدا لأنه قريب، ولهذا قال الله عز وجل " يا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب " ثم فسر القريب بالثلاث، فقال " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " (والثاني) وهو المنصوص في عامة الكتب أنه على الفور، لأنه خيار غير مؤد لدفع الضرر، فكان على الفور كخيار الرد بالعيب، فإن حضرت الصلاة فبدأ بها أو كان جائعا فبدأ بالاكل، أو له مال غير محرز واشتغل بإحرازه، أو كان عادته الركوب واشتغل بإسراج المركوب، فهو على حقه من النفي، لأنه تأخير لعذر. وإن كان محبوسا أو مريضا أو قيما على مريض أو غائبا لا يقدر على المسير وأشهد على النفي فهو على حقه وان لم يشهد مع القدرة على الاشهاد سقط حقه، لأنه لما تعذر عليه الحضور للنفي أقيم الاشهاد مقامه إلى أن يقدر كما أقيمت الفيئة باللسان مقام الوطئ في حق المولى إذا عجز عن الوطئ إلى أن يقدر (الشرح) حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي بألفاظ مختلفة كلها تؤدى معنى ما ساقه المصنف هنا، وقد مضى الكلام على طرقه وأقوال العلماء فيه في أحكام العزل من كتاب النكاح فليراجع. وروى معناه عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس وأنس بن مالك وأسامة بن زيد وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
فإذا أتت بولد وكان يعزل عنها لم يجز له نفيه لحديث أبي سعيد، ولأنه قد يسبق من الماء مالا يحس به فتعلق.
وأما إن كان لا يطؤها الا دون الفرج أو في الدبر فأتت بولد، فذكر أصحابنا فيه وجهين (أحدهما) انه ليس له نفيه لأنه لا يأمن أن يسبق الماء إلى الفرج فيعلق به، وبه قال احمد. وقال ابن قدامة: هو بعيد لأنه من أحكام الوطئ في الفرج فلا يتعلق بما دونه كسائر الأحكام، ودلالة عدم الوطئ في الفرج على انتفاء الولد أشد من دلالة مخالفة الولد لون أبيه اه. وهذا هو الوجه الثاني عندنا وبشجب ابن قدامة لما قاله أصحابه يكون في مذهب احمد في المسألة قولان