المائة في الألف فيكون ايلاء واحدا إلى سنة بيمين، فيضرب لهما مدة واحدة، ويوقف لهما وقفا واحدا، فإن وطئ بعد الخمسة الأشهر حنث في يمين واحدة فيجب عليه كفارة واحدة، وان وطئ في الخمسة الأشهر حنث في يمينين فيجب عليه في أحد القولين كفارة، وفى الثاني كفارتان وان قال والله لا وطئتك أربعة أشهر فإذا مضت فوالله لا وطئتك أربعة أشهر. ففيه وجهان (أحدهما) وهو الصحيح انه ليس بمول، لان كل واحد من الزمانين أقل من مدة الايلاء (والثاني) انه مول لأنه منع نفسه من وطئها ثمانية أشهر فصار كما لو جمعها في يمين واحدة (الشرح) قوله تعالى " تربص أربعة أشهر " التربص التأني والتأخر مقلوب التصبر. قال الشاعر:
تربص بها ريب المنون لعلها * تطلق يوما أو يموت حليلها قال القرطبي: وأما فائدة توقيت الأربعة الأشهر فيما ذكر ابن عباس عن أهل الجاهلية (وقد تقدم قوله في أول هذه الفصول) فمنع الله من ذلك وجعل للزوج مدة أربعة أشهر في تأديب المرأة بالهجر، لقوله تعالى " واهجروهن في المضاجع " وقد آلى النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه شهرا تأديبا لهن، وقد قيل الأربعة الأشهر هي التي لا تستطيع ذات الزوج أن تصبر عنه أكثر منها، وقد روى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف ليلة بالمدينة فسمع امرأة تنشد - ثم ساق القصة التي أوردها المصنف.
ولا أرى لهذه القصة سندا قويا، ولان هذا من الأمور التي تعم بها البلوى وتوقيت مدة الغزو بأربعة أشهر قد يقتضى عودة جيش برمته من جبهة العدو، وقد يكون الجيش متقدما أو في حالة التحام واشتباك، الامر الذي لا يمكن معه نفاذ هذا العمل واجراؤه، ثم إنه لو أجرى عمر هذا لصار من سنن الجهاد وآدابه لان اقرار الصحابة له اجماع متبع، ولم يثبت عن أحد من الصحابة أو التابعين من العمال والولاة والخلفاء من صنع هذا، الا أن هذا الأثر قد اشتهر عند الفقهاء فقد أورده ابن قدامه من الحنابلة، وأورده القرطبي من المالكية في تفسيره،