والدليل عليه أن إيقاع الطلاق يؤدى إلى إسقاطه، لأنا إذا أوقعنا عليها طلقة لزمنا أن نوقع عليها قبلها ثلاثا بحكم الشرط. وإذا وقع قبلها الثلاث لم تقع الطلقة وما أدى ثبوته إلى نفيه سقط. ولهذا قال الشافعي رحمه الله فيمن زوج عبده بحرة بألف درهم وضمن صداقها، ثم باع العبد منها بتلك الألف قبل الدخول أن البيع لا يصح لان صحته تؤدى إلى إبطاله، فإنه إذا صح البيع انفسخ النكاح بملك الزوج، وإذا انفسخ النكاح سقط المهر، لان الفسخ من جهتها، وإذا سقط المهر سقط الثمن، لان الثمن هو المهر، وإذا سقط الثمن بطل البيع. فأبطل البيع حين أدى تصحيحه إلى إبطاله فكذلك ههنا. ويخالف الفسخ بالردة فإن الفسخ لا يقع بإيقاعه وإنما تقع الردة والفسخ من موجباتها. والطلاق الثلاث لا ينافي الردة، فصحت الردة وثبت موجبها وهو الفسخ، والطلاق يقع بإيقاعه، والثلاث قبله تنافيه فمنع صحته فعلى هذا إن حلف على امرأته بالطلاق الثلاث أنه لا يفعل شيئا وأراد أن يفعله ولا يحنث فقال: إذا وقع على امرأتي طلاقي فهي طالق قبله ثلاثا ففيه وجهان (أحدهما) يحنث إذا فعل المحلوف عليه لان عقد اليمين صح فلا يملك رفعه (والثاني) لا يحنث، لأنه يجوز أن يعلق الطلاق على صفة ثم يسقط حكمه بصفة أخرى. والدليل عليه أنه إذا قال: إذا دخل رأس الشهر فأنت طالق ثلاثا صحت هذه الصفة ثم يملك إسقاطها بأن يقول أنت طالق قبل انقضاء الشهر بيوم (الشرح) إذا قال لامرأته: متى وقع عليك طلاقي أو إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا، ثم قال لها: أنت طالق، فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: يقع عليها الطلاق الذي باشر ايقاعه، وحكاه القاضي أبو الطيب عن أبي العباس بن سريج، وحكاه العمراني عن ابن القاص (1) وقال: هو اختيار
(٢٣٩)