وحكى ابن المنذر عن أحمد وأبى عبيد وأصحاب الرأي: إذا كانت المرأة خرساء لم تلاعن لأنه لا تعلم مطالبتها قال ابن قدامة: وينبغي أن يكون ذلك في الأخرس، وذلك لان اللعان يفتقر إلى الشهادة فلم يصح من الأخرس كالشهادة الحقيقية، ولان الحد يدرأ بالشبهات، والشهادة صريحة كالنطق، فلا يخلو من احتمال وتردد فلا يجب الحد بها كما لا يجب على أجنبي بشهادته . وقال القاضي وأبو الخطاب كقولنا: هو كالناطق في قذفه ولعانه، ويفارق الشهادة لأنه يمكن حصولها من غيره فلم تدع الحاجة إلى الأخرس. وفى اللعان لا يحصل الا منه فدعت الحاجة إلى قبوله منه كالطلاق (فرع) إذا قذف الأخرس أو لاعن ثم تكلم فأنكر القذف واللعان لم يقبل انكاره للقذف لأنه قد تعلق به حق لغيره بحكم الظاهر فلا يقبل إنكاره، ويقبل انكاره اللعان فيما عليه فيطالب بالحد ويلحقه النسب ولا تعود الزوجية. فإن قال أنا ألاعن للحد ونفى النسب كان له ذلك لأنه إنما لزمه باقراره أنه لم يلاعن، فإذا أراد أن يلاعن كان له ذلك فإذا قذفها وهو ناطق ثم خرس وأيسنا من نطقه فحكمه حكم الأصلي، وان رجى عود نطقه وزوال خرسه انتظر به، ويرجع في معرفة ذلك إلى قول طبيبين عدلين من المختصين بالصحة النفسية والعصبية.
وقال بعض الأصحاب: انه لا يلاعن في الحالين بالإشارة، لان أمامة بنت أبي العاص أصمتت، فقيل لها لفلان كذا ولفلان كذا؟ فأشارت أن نعم، فرأوا أنها وصية والصحيح الأول. وعند أصحاب أحمد على وجهين. ذكره أبو الخطاب (مسألة) إذا كان أحد الزوجين غير مكلف فلا لعان بينهما لأنه قول تحصل به الفرقة ولا يصح من غير المكلف كسائر الايمان، ولا يخلو غير المكلف من أن يكون الزوج أو الزوجة أو هما، وقد مضى لنا في الفصول قبله بحث السن والبلوغ والامكان. فليراجع والخلاصة أن كل موضع لا لعان فيه فالنسب لا حق فيه، ويجب بالقذف موجبه من الحد والتعزير الا أن يكون القاذف صبيا أو مجنونا فلا ضرب فيه