قال المصنف رحمه الله تعالى:
(باب من يصح لعانه وكيف اللعان وما يوجبه من الأحكام) يصح اللعان من كل زوج بالغ عاقل مختار، مسلما كان أو كافرا، حرا كان أو عبدا، لقوله عز وجل " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين " ولان اللعان لدرء العقوبة الواجبة بالقذف ونفى النسب، والكافر كالمسلم، والعبد كالحر في ذلك، فأما الصبي والمجنون فلا يصح لعانهما لأنه قول يوجب الفرقة فلم يصح من الصبي والمجنون كالطلاق.
وأما الأخرس فإنه ان لم يكن له إشارة معقولة ولا كتابة مفهومة لم يصح لعانه لأنه في معنى المجنون، وإن كانت له إشارة معقولة أو كتابة مفهومة صح لعانه لأنه كالناطق في نكاحه وطلاقه، فكان كالناطق في لعانه. وأما من اعتقل لسانه فإنه إن كان مأيوسا منه صح لعانه بالإشارة كالأخرس، وان لم يكن مأيوسا منه ففيه وجهان:
(أحدهما) لا يصح لعانه لأنه غير مأيوس من نطقه فلم يصح لعانه بالإشارة كالساكت (والثاني) يصح، لان أمامة بنت أبي العاص رضي الله عنها أصمتت فقيل لها الفلان كذا ولفلان كذا؟ فأشارت أي نغم، فرفع ذلك فرأيت أنها وصية، ولأنه عاجز عن النطق يصح لعانه بالإشارة كالأخرس (فصل) وإن كان أعجميا، فإن كان يحسن بالعربية فيه وجهان (أحدهما) يصح لعانه بلسانه لأنه يمين فصح بالعجمية مع القدرة على العربية كسائر الايمان (والثاني) لا يصح لان الشرع ورد فيه بالعربية فلم يصح بغيرها مع القدرة كأذكار الصلاة، فإن لم يحسن بالعربية لاعن بلسانه لأنه ليس بأكثر من أذكار الصلاة وأذكار الصلاة تجوز بلسانه إذا لم يحصن بالعربية فكذلك اللعان. وإن كان الحاكم لا يعرف لسانه أحضر من يترجم عنه. وفى عدده وجهان بناء على القولين في الشهادة على الاقرار بالزنا (أحدهما) يحتاج إلى أربعة (والثاني) يكفيه اثنان