وإن كان الفطر للمرض ففيه قولان. قال في القديم لا ينقطع التتابع وبه قال مالك وأحمد، لان سبب الفطر حدث بغير اختياره فهو كالحيض، ولأنا لو قلنا إنه ينقطع بالفطر في المرض لأدى ذلك إلى أن يتسلسل، لأنه لا يأمن وقوع المرض إذا استأنف بعد البرء.
وقال في الجديد ينقطع تتابعه، وبه قال أبو حنيفة، لأنه أفطر باختياره، فهو كما لو أفطر بغير المرض.
وان أفطر بالسفر - فإن قلنا إن المرض إذا أفطر قطع التتابع فالسفر أولى، وان قلنا إن أفطر بالمرض لا ينقطع ففي السفر قولان. أحدهما لا ينقطع التتابع لان السفر عذر يبيح الفطر فهو كالمرض، والثاني أنه ينقطع التتابع لأنه حدث بسبب الفطر وهو السفر.
وإن نوى الصوم من الليل ثم أغمي عليه في أثناء النهار فهل يبطل صومه؟
فيه طريقان مضى ذكرهما في الصوم وأبانهما الامام النووي رضي الله عنه، فإن قلنا لا يبطل لم ينقطع التتابع بذلك، وان قلنا يبطل صومه قال الشيخ أبو إسحاق والمحاملي: هو كالفطر بالمرض على قولين، قال العمراني وفيه نظر، لأنه لم يفطر باختياره بخلاف الفطر بالمرض فإنه أفطر باختياره اه وان أفطرت المرضع والحامل في أثناء الشهرين، فإن كان خوفا على أنفسهما فهو كالفطر للمرض، وإن كان خوفا على ولديهما فهل ينقطع التتابع؟ فيه طريقان من أصحابنا من قال فيه قولان كالفطر للمرض. ومنهم من قال يقطع التتابع قولا واحدا لأنهما أفطرتا لحق غيرهما بخلاف المرض (فرع) وان صام في أثناء الشهرين تطوعا أو عن نذر أو قضاء انقطع تتابعه بذلك. لان ذلك لا يقع عن الشهرين فانقطع تتابعه به كما لو أفطر، فإن صام بعض الشهرين ثم تخللها زمان لا يجرى صومه عن كفارته مثل رمضان أو عيد الأضحى انقطع تتابعه، لان رمضان مستحق لصومه، وعيد الأضحى مستحق للفطر، وقد يمكنه أن يبتدئ صوما لا يقطعه ذلك، فإن لم يفعل ذلك فقد فرط كما لو أفطر في أثناء الشهرين بغير عذر، ولا يجئ أن يقال تخللهما عيد الفطر ولا أيام التشريق، لان عيد الفطر يتقدمه رمضان، وأيام التشريق يتقدمها عيد