كفارة. وجملة ما في الفصل أنه إذا دخل في الشهرين بالصوم ثم أيسر وقدر على الرقبة لم يجب عليه الانتقال إلى الرقبة، وبه قال مالك وأحمد وقال أبو حنيفة والمزني يلزمه الانتقال، ودليل المذهب أنه وجد المبدل بعد شروعه في البدل فلم يلزمه الانتقال إليه، كما لو وجد الهدى بعد شروعه في صوم السبع، وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: ولو أعتق كان أفضل لأنه الأصل وليخرج بذلك من الخلاف (قلت) ولان في ذلك نفعا للآدمي بفك أساره من الرق كما أفاده المصنف.
(فرع) ولا يجزيه الصوم عن الكفارة حتى ينوى الصوم كل ليلة لقوله صلى الله عليه وسلم " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " فهذا عام في كل صوم، وقد وافقنا أبو حنيفة على ذلك. وهل يلزمه نية التتابع؟ فيه ثلاثة أوجه (أحدها) يلزمه نية التتابع كل ليلة، لان التتابع واجب كالصوم، فلما وجب عليه نية الصوم كل ليلة فكذلك نية التتابع (والثاني) يلزمه التتابع أول ليلة من الشهر لان الفرص تبيين هذا الصوم عن غيره بالتتابع، وذلك يحصل بالنية أولى ليلة منه (والثالث) لا يجب عليه نية التتابع وهو الأصح، لان التتابع شرط في العبادة وعلى الانسان أن ينوى فعل العبادة دون نية شروطها، كما قال العمراني في الصلاة أن ينوى فعل الصلاة دون نية شرطها.
(مسألة) قوله: وان لم يقدر على الصوم لكبر الخ، فجملة ذلك أنه إذا عجز لعلة تلحقه من الجوع والظمأ وكان قادرا على الاطعام لزمه الانتقال إلى الاطعام لقوله تعالى " فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا " ولما ذكرناه من حديث أوس بن الصامت وسلمة بن صخر.
إذا ثبت هذا فعليه أن يطعم ستين مسكينا، كل مسكين مدا من طعام، ولا يجرز أن ينقص من عدد المساكين ولا من ستين مدا، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: ان أعطى الطعام كله مسكينا واحدا في ستين يوما جاز. دليلنا قوله تعالى " فإطعام ستين مسكينا، وقوله " اطعام " مصدر يتعدى بأن والفعل، وهذا