(فصل) وإن كان بينه وبين آخر عبد وهو موسر فأعتق نصيبه ونوى عتق الجميع عن الكفارة أجزأه، لأنه عتق العبد بالمباشرة والسراية، وحكم السراية حكم المباشرة، ولهذا إذا جرحه وسرى إلى نفسه جعل كما لو باشر قتله، وإن كان معسرا عتق نصيبه، وإن ملك نصيب الآخر وأعتقه عن الكفارة أجزأه، لأنه أعتق جميعه عن الكفارة. وإن كان في وقتين فأجزأه كما لو أطعم المساكين في وقتين، وإن أعتق نصف عبدين عن كفارة ففيه ثلاثة أوجه (أحدهما) لا يجزئه لان المأمور به عتق رقبة ولم يعتق رقبة (والثاني) يجزئه لان أبعاض الجملة كالجملة في زكاة الفطر، وزكاة المال، فكذلك في الكفارة.
(والثالث) أنه إن كان باقيهما حرا أجزاه، لأنه يحصل تكميل الأحكام والتمكين من التصرف في منافعه على التمام، وإن كان مملوكا لم يجزه، لأنه لا يحصل له تكميل الأحكام والتمكين التام.
(فصل) إذا قال لغيره أعتق عبدك عنى فأعتقه عنه دخل العبد في ملكه وعتق عليه، سواء كان بعوض أو بغير عوض، واختلف أصحابنا في الوقت الذي يعتق عليه، فقال أبو إسحاق يقع الملك والعتق في حالة واحدة، ومن أصحابنا من قال:
يدخل في ملكه ثم يعتق عليه، وهو الصحيح، لان العتق لا يقع عنه في ملك غيره فوجب أن يتقدم الملك ثم يقع العتق. وإن قال أعتق عبدك عن كفارتي، فأعتقه عن كفارته أجزأه لأنه وقع العتق عنه فصار كما لو اشتره ثم أعتقه (الشرح) حديث خولة بنت مالك بن ثعلبة رواه أبو داود وابن إسحاق وأحمد بمعناه وفى إسناده محمد بن إسحاق، وأخرج بن ماجة والحاكم نحوه من حديث عائشة قالت: تبارك الذي وسع سمعه كل شئ، انى لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى على بعضه وهي تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت الحديث وأصله في البخاري من هذا الوجه إلا أنه لم يسمها وأخرج أبو داود والحاكم أيضا من حديث عائشة من وجه آخر قالت: كانت جميلة امرأة أوس بن الصامت (أخي عبادة بن الصامت) وكان امرءا به لمم.