أو ينوى بقوله طالق، أي من وثاق، فهذا يقبل كما قررنا من قبل إذا كان لفظا وجها واحد لأنه وصل كلامه بما بين مراده وإن كان بنيته قبل فيما بينه وبين الله تعالى لأنه أراد تخصيص اللفظ العام واستعماله في الخصوص. وهذا سائغ في الكلام فلا يمنع من استعماله والتكلم به، ويكون اللفظ بنيته منصرفا إلى ما أراده دون ما لم يرده، وهل يقبل ذلك في الحكم. مذهبنا أنه لا يقبل في الحكم لأنه خلاف الظاهر. ومن شرط هذا أن تكون النية مقارنة للفظ. وهو أن يقول:
نسائي طوالق، يقصد بهذا اللفظ بعضهن، فأما إن كانت النية متأخرة عن اللفظ فقال نسائي طوالق ثم بعد فراغه نوى بقلبه بعضهن لم تنفعه النية ووقع الطلاق بجميعهن، وكذلك لو طلق نساءه ونوى بعد طلاقهن أي من وثاق لزمه الطلاق لأنه مقتضى اللفظ.
والقاعدة في ذلك كله (أولا) إرادة الخاص بالعام شائع في اللغة ومستساغ (ثانيا) إرادة الشرط من غير ذكره غير سائغ فهو كالاستثناء. واللفظ العام الذي لم يرد به غير مقتضاه وجب العمل بعمومه، والعمل بعموم اللفظ أولى من خصوص السبب، لان دليل الحكم هو اللفظ، فيجب اتباعه والعمل بمقتضاه في خصوصه وعمومه، ولذلك لو كان أخص من السبب لوجب قصره على خصوصه واتباع صفة اللفظ دون صفة السبب. والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله:
باب الشرط في الطلاق إذا علق الطلاق بشرط لا يستحيل كدخول الدار ومجئ الشهر تعلق به.
فإذا وجد الشرط وقع، وإذا لم يوجد لم يقع. لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " المؤمنون عند شروطهم " ولان الطلاق كالعتق لان لكل واحدة منهما قوة وسراية. ثم العتق إذا علق على شرط وقع بوجوده ولم يقع قبل وجوده فكذلك الطلاق. فإن علق الطلاق على شرط ثم قال: عجلت ما كنت علقت على الشرط لم تطلق في الحال لأنه تعلق بالشرط ولا يتغير. وإذا وجد الشرط طلقت.