الأول: معرفة المعروف والمنكر ولو اجمالا، فلا يجبان على الجاهل بالمعروف والمنكر.
الثاني: احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر، وانتهاء المنهي عن المنكر بالنهي، فإذا لم يحتمل ذلك، وعلم أن الشخص الفاعل لا يبالي بالأمر أو النهي، ولا يكترث بهما لا يجب عليه شئ (إذا احتمل الائتمار والانتهاء لو كان الأمر أو النهي مع قيد خاص كملأ من الناس أو في زمان مخصوص أو مع اجتماع جماعة في الأمر والنهي أو ما شاكل وجب الأمر والنهي كذا يجبان إذا ظهرت المبدع وكان السكوت موجبا لهتك الدين وضعف عقايد المسلمين وإن لم يؤثرا في الائتمار والانتهاء وكذا يجبان فيما إذا ألزم من السكوت صيرورة المنكر معروفا والمعروف منكرا، وكذا فيما إذا احتمل تأثير الأمر أو النهي في تأخير المعصية أو تقليلها أو عدم ارتكاب غير المأمور والنهي أو عدم التظاهر بالارتكاب وأيضا يجبان مع استلزام السكوت تأييد الظالم وتقويته أو تجريه بالنسبة إلى المعاصي الأخر).
الثالث: أن يكون الفاعل مصرا على ترك المعروف، وارتكاب المنكر فإذا كانت أمارة على الاقلاع، وترك الاصرار لم يجب شئ، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك، فمن ترك واجبا، أو فعل حراما ولم يعلم أنه مصر على ترك الواجب، أو فعل الحرام ثانيا، أو أنه منصرف عن ذلك أو نادم عليه لم يجب عليه شئ، هذا بالنسبة إلى من ترك المعروف، أو ارتكب المنكر خارجا. وأما من يريد ترك المعروف، أو ارتكاب المنكر فيجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وإن لم يكن قاصدا إلا المخالفة مرة واحدة.
الرابع: أن يكون المعروف والمنكر منجزا في حق الفاعل، فإن كان معذورا في فعله المنكر، أو تركه المعروف، لاعتقاد أن ما فعله مباح وليس بحرام، أو أن ما تركه ليس بواجب، وكان معذورا في ذلك للاشتباه في الموضوع، أو الحكم اجتهادا، أو تقليدا لم يجب شئ (إلا فيما أحرز أن الشارع لا يرضى بمخالفته حتى في حال الجهل كشرب الخمر واللواط وما شاكل فإنه يجب النهي).
الخامس: أن لا يلزم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر في النفس، أو في العرض، أو في المال، على الآمر، أو على غيره من المسلمين، فإذا لزم الضرر عليه، أو على غيره من المسلمين لم يجب شئ (لزوم الضرر غير مانع عن وجوبهما) والظاهر أنه لا فرق بين العلم بلزوم الضرر والظن به والاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف، هذا فيما إذا لم يحرز تأثير الأمر أو النهي وأما إذا أحرز ذلك فلا بد من رعاية الأهمية، فقد يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر أيضا، فضلا عن الظن به أو احتماله.