وجاء عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر: ألا تخبرني من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟
فضحك، وقال: (يا زرارة، قاله رسول الله، ونزل به الكتاب من الله عز وجل، لأن الله عز وجل قال: فاغسلوا وجوهكم فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل، ثم قال: وأيديكم إلى المرافق فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين، ثم فصل بين الكلام، فقال: وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه، فقال:
وأرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها، ثم فسر ذلك رسول الله للناس فضيعوه) (1).
ومن يراجع إلى نصوص الأئمة من أهل البيت يقف على سير الكثير من التفريعات الفقهية، وأن ما نقل عن الإمام الباقر وتأكيده على لزوم الترتيب بين أعضاء الوضوء قد يكون ناظرا إلى ما ذهب إليه أمثال أبي حنيفة ومالك من عدم لزوم الترتيب بين أعضاء الوضوء.
وهكذا الحال بالنسبة إلى غيرها من التفريعات الفقهية، فالباحث لو قرن كلام الإمام الباقر مع الآراء المطروحة في عصره لعرف الحكم الشرعي من زاوية قربه للواقع.
كان هذا بعض الشئ عن سير المسألة في العهد الأموي وما ورد عن الإمام الباقر فيه. وسنشير إلى كلمات الأئمة من ولده ممن عايشوا الحكم العباسي ليقف المطالع على حقيقة الحال أكثر وينجلي له المجهول.
خلافيات الوضوء في العهد العباسي إن الإمام الصادق - والأئمة من بعده - قد ساروا على نهج آبائهم، واجهوا