قال الشيخ أبو زهرة في كتابه (تاريخ المذاهب الإسلامية) عن الإمام زيد:
(.... قد مات أبوه عام 94 ه، أي وهو في الرابعة عشرة من عمره، فتلقى الرواية عن أخيه محمد الباقر، الذي يكبره بسن يسمح بأن يكون له أبا، إذ أن الإمام جعفر بن محمد الباقر كان في سن الإمام زيد رضي الله عنهم أجمعين.
وما كان من المعقول أن يجمع الإمام زيد وهو في سن الرابعة عشرة كل علم أهل البيت، فلا بد أن يكمل أشطره من أخيه، الذي تلقى علم أبيه كاملا. وقد كان الباقر إماما في الفضل والعلم، أخذ عنه كثيرون من العلماء، ورووا عنه، ومن هؤلاء أبو حنيفة شيخ فقهاء العراق. وقد نال الباقر فضل الإمامة العلمية حتى أنه كان يحاسب العلماء على أقوالهم وما فيها من خطأ وصواب... (1)) والآن نتساءل:
كيف جاء هذا النقل عن الإمام زيد إذن؟ وهل حقا إنه حدث أصحابه عن أبيه عن جده بذلك؟ أم إن الأخبار تظافرت عنه دون معرفة ملابسات الحكم الشرعي؟! وإنا بطرحنا العاملين الثاني والثالث - من أسباب اختلاف الطالبيين - سيتضح إن شاء الله جواب هذا السؤال وغيره.
وأما العامل الثاني (2):
فهو محاولة الحكام إشاعة حالة الفرقة والخلاف بين الطالبيين، لتضعيفهم ثم احتوائهم فكريا وسياسيا.
فقد مر عليك خبر ابن الحسن بن صالح بن حي مع يحيى بن عبد الله بن الحسن في (المسح على الخف)، وكيف كان يخالف يحيى في أمره، ويفسد أصحابه عليه، وقول يحيى بن عبد الله: (فأذن المؤذن يوما، وتشاغلت بطهوري وأقيمت الصلاة، فلم ينتظرني، وصلى بأصحابي.. فخرجت، فلما رأيته يصلي قمت أصلي ناحية، ولم أصل معه لعلمي أنه يمسح على الخفين).