واعتبار آرائهم شواذ من بين الآراء، فقد قال المنصور: اجعل العلم يا أبا عبد الله علما واحدا.
هذا والمعروف إن مالكا قد وضع الموطأ وما كان يفرغ منه حتى مات المنصور (1)، أي أنه ألفه في أواخر عهد المنصور.
واتفق المؤرخون على أن مالكا بدأ بكتابة الموطأ سنة 148، واستمر يعيد النظر فيه ويمحصه ويحققه حتى انتهى منه سنة 159 (2)، وهو دليل على أن فكرة التدوين كانت بعد الظفر بمحمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن.
على أننا لا ننكر إن المنصور - قبل قيام النفس الزكية - قد فكر في تدوين هذا الأمر وشجع العلماء على ذلك، وإنهم كانوا بالفعل قد بدأوا في تأصيل العلوم، نقل السيوطي في تاريخ الخلفاء عن الذهبي: (في سنة 143 شرع علماء الإسلام في تدوين الحديث والفقه والتفسير فصنف ابن جريح بمكة، ومالك الموطأ بالمدينة، والأوزاعي بالشام، وابن أبي عروية وحماد بن سلمة بالبصرة، ومعمر باليمن، وسفيان الثوري بالكوفة، وصنف ابن إسحاق المغازي، وصنف أبو حنيفة الفقه بالرأي....) (3) وبهذا تجلى أن وضع الموطأ وتدوينه كان حكوميا.
سياسة الترهيب والترغيب تجاه الفقهاء نقل الصيمري في أخبار أبي حنيفة، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة وغيرهم عن الإمام مالك سبب خوف المنصور وحيطته من أهل المدينة وأصحاب الأثر في أوائل الأمر، بقوله: لما ولي أبو جعفر المنصور الخلافة وأتي إليه الملاقون المشاؤون بالنميمة عني بكلام كان قد حفظ علي، فأتاني رسوله ليلا ونحن بمنى وقال: أجب أمير المؤمنين، وذلك بعد مفارقتي له وخروجي عنه، فلم أشك أنه