فقالت: يا معاوية! أمنت أن أخبئ لك من يقتلك بأخي محمد بن أبي بكر؟
فقال: بيت الأمان دخلت.
قالت: يا معاوية! أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه!
قال: إنما قتلهم من شهد عليهم (1)...
فانظر إلى السيدة عائشة كيف تسكت عن المطالبة بدم أخيها، وقد قتل في سنة سبع أو ست وثلاثين؟ إلا بعد مقتل حجر، وقد كان ذلك بعد الخمسين من الهجرة؟ وعلام يدلل هذا؟
إذا صح هذا التصور وثبت أن عائشة قد غيرت سياستها بعد الخمسين من الهجرة، فما يدل قولها لأخيها لعبد الرحمن في يوم وفاة سعد بن أبي وقاص - العام 55 - (يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله يقول: ويل للأعقاب من النار)، ألم يكن ذلك مما يضعف ما توصلنا إليه سابقا؟
كلا، ليس هناك من تضاد بين الرأيين، وأقصى ما يمكن إثباته هو تأثرها وقناعتها بأن عبارتي (ويل للأعقاب) أو (أسبغوا الوضوء) واللتين نسلم صدورهما عن رسول الله! تدلان على غسل الأرجل، وأنها قد أتت بذلك مجاراة لفهم الدولة وقناعتها بأن هاتين الجملتين تدلان على الغسل، في حين إنا سنثبت لاحقا عدم دلالتهما على لزوم غسل الرجلين وتثليث غسل الأعضاء وأن (ويل للأعقاب) هو حكم مختص بالعقب وهو غالبا ما يتعرض للنجاسة وقت التغوط والاستنجاء!
نصيحة وموعظة بعد هذا حق للأمام علي بن الحسين أن يتخوف على مصير الزهري ووقوعه في شراك الحكام.. إذ أنه قد استخدم علمه - في غالب الأحيان - بما يخدم الحاكم الأموي وصار لا يتحدث إلا بما فيه رضى السلطان، حتى غدا جسرا