عهد أبي بكر (11 - 13 ه) لم ينقل التاريخ في هذا العهد خلافا بين المسلمين في الوضوء، ذلك لقرب عهدهم بالنبي (ص)، وأنه لو كان لبان، بل التحقيق عدمه، إذ أن حكم الوضوء لم يكن كغيره من الأحكام الشرعية، كالعارية، الشفعة، العتق،... وغيرها من الأحكام مما يمكن تجاهلها أو التغاضي عن فهم حكمها، لعدم الابتلاء بها كثيرا، وعدم تلك الأهمية الموجودة في مثل الوضوء، إذ أن الوضوء فعل يمارسه المسلم عدة مرات في اليوم الواحد، وتتوقف عليه أهم الأمور العبادية، وأن الاختلاف في أمر كهذا مثار للدهشة والاستغراب، وتزداد الغرابة إذا ما تصورنا وقوعه مع عدم وجود دليل أو نص روائي شرعي يدل عليه.
وهنا نؤكد ونقول: إنه من الأمور التي تنطبق عليها قاعدة (لو كان لبان)، فعدم ورود نص ينبئ عن وجود الخلاف، وعدم وجود ردود فعل للصحابة في أمر الوضوء، أو ما شابه ذلك، دليل على استقرار الوضع بين المسلمين فيه، وعلى تعبدهم بسيرة الرسول (ص).
وإننا رغم استقصائنا الدقيق في كتب التاريخ بحثا عن مؤشر واحد يدلنا على اختلاف المسلمين في حكم من أحكام الوضوء في ذلك العهد، لم نعثر على أثر يذكر.
ثم إن عدم وجود بيان لصفة وضوء رسول الله (ص) من الخليفة الأول دليل آخر على استقرار الأمة على الوضوء النبوي، إذ أن الوضوء أصبح من البديهيات التي لا تحتاج إلى تعليم، بل كان معروفا واضحا متداولا مما لا يحتاج إلى تأكيد الخليفة على تعليمه وذكر كيفيته وتكراره، ولو كان هناك خلاف أو ما يستوجب البيان والتوضيح لبين صفة وضوء رسول الله للناس قطعا لدابر الاختلاف.
علما بأن الخليفة قد حارب أهل الردة، معللا بأنهم قد فرقوا بين الصلاة