يفتي به غيره من الأقوال (1) اتباعا لغرضه وشهوته، ثم ساق أحاديث في ذلك.
وقال الأستاذ السيد محمد رشيد رضا في الاعتصام معلقا على كلام الشاطبي: (ومن فروع هذه البدعة أن بعضهم يستحل أن يجعل المرجح لأحد القولين في الفتوى ما يعطيه المستفتون من الدراهم، فإذا جاء مستفتيان في مسألة واحدة فيها خلاف، يطلب أحدهما الفتوى بالجواز أو الحل، والآخر يطلب الفتوى بالمنع أو الحرمة، يفتي من كان منهما أكثر بذلا للمفتي، فهو تارة يفتي بالحل وتارة يفتي بالحرمة. والقاعدة في ذلك ما صرح به بعض الفقهاء في بعض الكتب التي تدرس في الأزهر (نحن مع الدراهم قلة وكثرة)! فإذا كان القولان المتناقضان صحيحين في المذهب، جاز أن يكون السحت هو المرجح في الفتوى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (2).
وقال الشيخ محمد بن عبد الله دراز شارح الموافقات: (بل أخرجوا الأمر عن كونه قانونا شرعيا وعدوه متجرا، حتى كتب بعض المؤلفين في الشافعية ما نصه: (نحن مع الدراهم قلة أو كثرة))!
مذهب الإمام الشافعي أما الإمام الشافعي، فإنه ارتبط بالفقه المالكي وحفظ الموطأ منذ صباه، وأحب أن يتصل بمالك فأخذ كتابا من والي مكة إلى والي المدينة ليدخله على مالك، فلما وصل إلى المدينة وقدم إلى واليها الكتاب، قال الوالي: إن المشي، من جوف المدينة إلى جوف مكة حافيا راجلا أهون علي من المشي إلى باب مالك، فلست أرى الذل حتى أقف على بابه.
يبدو من هذا الكلام أن الشافعي أراد الاتصال بمالك بعد سطوع نجمه وارتقاء محله عند العباسيين، بحيث أن والي المدينة يشعر بالذلة والتصاغر أمام مالك والوقوف ببابه!