وعلى ضوء هذا التفسير نفهم بأن الله تعالى أرسل النبي (ص) بوحدة العقيدة لا للاختلاف فيها كما يريده الحكام، وأن الآيات القرآنية تؤكد على الاعتصام بحبل الله ونبذ التفرق سواء في الفقه أو في العقيدة، وتشير بوضوح إلى أن صراطه مستقيم لا التباس فيه ولا التواء، لقوله تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (1).
خلط واستدراج اتضح مما سبق إن العباسيين كانوا يسعون لتغيير بعض المفاهيم وتأصيل مفاهيم أخرى مكانها، كما فعل الأمويون قبلهم، وأن ادعاءهم شرف النسبة إلى رسول الله وأنهم هم آل محمد إنما كان من ضمن تلك الخطة السياسية.
جاء في التاريخ أن أبا العباس السفاح لما ولي الخلافة في 12 ربيع الأول سنة 132 خطب في الكوفة ووصف بني العباس بأنهم حملة الإسلام وكهفه وحصنه والقوام به والذابون عنه الناصرون له.
ثم أشار إلى قرابة العباسيين من رسول الله، وتهجم على العلويين، وادعى أن الله خص بني العباس برحم رسول الله وقرابته، ثم تلا عدة أيات قرآنية تشيد بذوي القربى من الرسول.
ثم استخدم بعض التهم القديمة التي طرحتها الحكومة الأموية من قبل، فقال: (وزعمت السبئية الضلال أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة والخلافة منا، شاهت وجوههم)!
ثم علل أبو العباس سبب أحقيتهم بالخلافة بقوله:
(بنا هدى الله الناس بعد ضلالتهم، وبصرهم بعد جهالتهم، وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق، ودحض بنا الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسدا، ورفع بنا الخسيسة، وتمم بنا النقيصة، وجمع الفرقة، حتى عاد الناس بعد العداوة