كتب السلف ويشيرون إلى أن هذا الرأي مستقى من القرآن، فلو كان غسل الأرجل هو ما اتفق عليه المسلمون فلا داعي لذكر تلك الأقوال في كتب السلف!
وما نحتمله في هذا الأمر هو تواتر عمل المذاهب المنقرضة به. ونحن لو أخذنا من باب المثال رأي ابن حزم الأندلسي الذي يمثل رأي داود الظاهري، ورأي ابن جرير الطبري وهو يمثل رأي مذهبه الذي عمل لمدة من الزمن، لعرفنا أن المسح كان مشروعا في عهدهم إذ تراهم يعملون به. وإليك:
رأي ابن حزم الأندلسي في المحلى:
(وأما قولنا في الرجلين، فإن القرآن نزل بالمسح، قال الله تعالى وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم وسواء قرئ بخفض اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على الرؤوس، إما على اللفظ وإما على الموضع، لا يجوز غير ذلك، لأنه لا يجوز أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه بقضية مبتدأة، وهكذا جاء عن ابن عباس: (نزل القرآن بالمسح، يعني في الرجلين في الوضوء).
وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف، منهم: علي بن أبي طالب، ابن عباس، الحسن، عكرمة، الشعبي وجماعة غيرهم، وهو قول الطبري، ورويت في ذلك آثار:
منها: أثر من طريق همام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ثنا علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه - وهو رفاعة بن رافع -: أنه سمع رسول الله (ص) يقول: (إنه لا يجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل، ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين).
وعن إسحاق بن راهويه، ثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن عبد خير، عن علي: (كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح حتى رأيت رسول الله يمسح ظاهرهما).
قال علي بن أحمد: (وإنما قلنا بالغسل لما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، ثنا إبراهيم بن أحمد، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا مسدد، ثنا أبو عوانة، عن أبي بشير، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: (تخلف النبي في سفر فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا،