الأهداف التي ترسمها الحكومة في الشريعة.
النفس الزكية والمنصور إن استفادة الحكام من الشريعة لمصلحة الحكم والنظام لم تكن وليدة ساعتها، بل هي خطة، رسمت أصولها وبذرت نواتها في أواخر عهد الشيخين، وأثمرت في العهد الأموي، وأينعت في العهد العباسي، ومن يقرأ رسالة محمد (ذي النفس الزكية) إلى المنصور يؤمن بأن النزاع بينهم كان في المفاهيم، وأن محمدا كان يدعي أنه أحق بالأمر، لأنه هو من الآل، فقد جاء في جواب محمد (ذي النفس الزكية) على رسالة المنصور التي أعطاه فيها الأمان:
(فإن الحق حقنا، وإنما ادعيتم هذا الأمر بنا، وخرجتم له بشيعتنا، وحظيتم بفضلنا، وإن أبانا عليا كان الوصي، وكان الإمام، فكيف ورثتم ولايته وولده أحياء؟).
ثم افتخر على المنصور بانتسابه إلى فاطمة بنت رسول الله، وإلى خديجة أم المؤمنين، وإلى الحسن والحسين سبطي رسول الله (ص).
وسخر من الأمان الذي عرضه المنصور عليه، حيث عرف بأنه ينكث العهود والمواثيق إذ المنصور كان قد أعطى البيعة لمحمد بن عبد الله مرتين إحداهما بمكة في المسجد الحرام، والأخرى عندما خرج من بيته فقد أخذ بزمام فرسه وقال: (هذا مهدينا أهل البيت) (1) فمحمد أراد الإشارة إلى هذه الحقيقة، فقال:
(وأنا أولى بالأمر منك، وأوفى بالعهد، لأنك أعطيتني من العهد والأمان ما أعطيته رجالا قبلي، فأي الأمانات تعطيني، أمان ابن هبيرة؟ أم أمان عمك عبد الله بن علي؟ أم أمان أبي مسلم؟).
ولما وصل إلى المنصور كتاب محمد غضب غضبا شديدا، وفكر في أن يسحب منه كل ما يتكئ عليه، ويغير المفاهيم التي يستند عليها الطالبيون، منها كونهم أولاد فاطمة، يجب أن تكون الخلافة فيهم، أو أن الرسول قد أوصى إلى