عبد الواسع، فوجدته مجموعا جمع من المسائل الفقهية والأحكام الشرعية ما هو مدلل عليه بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وهو موافق في معظم أحكامه لمذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وحيث إن مذهب الزيدية في العلوم الشرعية لم يشتهر في الديار المصرية... (1).
وبهذا، يحتمل أن يكون مجئ الإمام أبي حنيفة إلى المدينة - مضافا إلى تقوية مكانته الاجتماعية في الكوفة - إنما كان لاختراق صفوف الشيعة الإمامية.
أما حيطة الإمام جعفر بن محمد الصادق وتركيزه على الأخذ بالمأثور وترك الرأي والقياس وتنظيمه لحلقات الدرس وقوله: (ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا) وتأكيده على الفقه.. فإنه هو الذي أحبط بادرة الإمام أبي حنيفة في محاولة اختراقه للفقه الشيعي، بخلاف الزيدية الذين انشغلوا بالحرب والكفاح المسلح وعدم وجود أئمة من أهل البيت بينهم مما أدى إلى خلق فجوة وفراغ فقهي عندهم اضطرهم إلى الالتجاء لفقه أبي حنيفة.
بين وضوء زيد ووضوء الزيدية وعلى هذا فالوضوء المتداول بين الزيدية اليوم لم يكن وضوء الإمام زيد بن علي، إذ أنه ليس بوضوء أبيه علي بن الحسين، وليس بوضوء جده علي بن أبي طالب وليس بوضوء أخيه الباقر، ولا ابن أخيه الصادق، وليس بوضوء ابن عمه عبد الله بن محمد بن عقيل، ولا هو وضوء عبد الله بن عباس وغيرهم من الطالبيين، بل هو وضوء الإمام أبي حنيفة وفق ما ثبت عنده من الأصول والمباني، ومثل هذا الحكم الشرعي كثير في فقه الزيدية. قد جاء في مقدمة مسند الإمام زيد:
ومما جرى عليه الناس ولم يعرفوا سبب ذلك هو عدم ذكر