أسماء بعض المؤيدين للوضوء المسحي في العهد العباسي اتضح لنا مما سبق تكامل بنى المدرستين الوضوئيتين في هذا العصر، فكان رواد مدرسة الوضوء الثلاثي الغسلي هم فقهاء المذاهب الأربعة. وهؤلاء الفقهاء قد أخذوا بوضوء الخليفة عثمان بن عفان الذي نسبه إلى رسول الله، إما اعتقادا منهم بصحة تلك المرويات عنه (ص) وثبوت طرقها لديهم وحجية صدورها عندهم، وإما تأثرا بالسلطة التي تريد إبعاد الناس عما ينسبه أولاد علي بن أبي طالب إلى رسول الله، لأن مصلحة العباسيين كانت في عزل الناس عن العلويين، وذلك لأمرين:
الأول: إمكان التعرف عليهم للنيل منهم، لأنهم المخالفون للخلفاء العباسيين والمطالبون بالحكم.
الثاني: رسم المبرر للتنكيل بالعلويين لأنهم خرجوا عن جماعة المسلمين، وسعوا لبث الفرقة بينهم، إذ أن عبادتهم غير عبادة المسلمين، ووضوئهم غير وضوء المذاهب الأربعة!
نعم، إن تأكيدنا على الشق الثاني من وجوه الاحتمال في سبب أخذ المذاهب الأربعة برأي عثمان في الوضوء - المار الذكر في الصفحات السابقة - إنما كان بسبب حملة التعتيم الاعلامي التي مارستها السلطة ومنعت العلماء والأساتذة من التفوه بما يعرف بوجود ما يعارض ذلك.
وحينما رأيت التأكيد على الوضوء الغسلي - حتى شاع بين المسلمين - أحببت أن أكشف عن الوجه الآخر في الوضوء، وأشير إلى أسماء الذين فعلوا المسح وعملوا به في العهد العباسي الأول، ولا أبغي منه الجرد الكلي للأسماء بل العدد الذي يثبت به ما نقلناه، وحيث وصل عدد القائلين بالمسح - على ضوء الصفحات السابقة - إلى (24) صحابيا وتابعيا، نظيف إليه أسماء أخرى مراعين