ومن جهة أخرى كانوا يرون أحقية أهل البيت بالأمر، وإن رسول الله قد أوصى لهم وإنهم الدعاة إلى أمره ومن الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم.
فإن هذا المعنى والمفهوم كان لا يرضي الخليفة العباسي إذ كان ينظر إليهم نظرة خصم لا تلين قناته ولا يعمل الإرهاب عمله فيهم، واعتبرهم رافضة يجب التنكيل بهم لأن الإعراض عن طلبات السلطان يعني الرفض، والرفض غالبا ما يردف التنكيل والتحزب وإلصاق التهم والخروج عن الدين!
تهمة سب الشيخين ومواجهة الصادق (ع) لها:
على ضوء ما قدمنا عرفت أن السياسة العامة كانت قائمة على مخالفة الحكومة لنهج علي بن أبي طالب وفقهه، وتقوية فقه الشيخين وعثمان، كما مر عليك في رسالة المنصور إلى محمد النفس الزكية وغيرها. ومن النقاط التي ركزت عليها الحكومة وأثارتها ضد أتباع علي (ع) هي اتهامهم بسب الشيخين والصحابة، وكان مصير كل من ثبتت عليه هذه التهمة هو رميه بالخروج عن الدين وتكفيره ومن ثم الحكم عليه بالموت، وهذا السلاح الخطير شهرته الحكومة العباسية بوجه العلويين لإضعافهم فقهيا وسياسيا واجتماعيا، وكأن الخلاف منحصر في هذه التهمة التي ألقيت عهدتها على عاتق مدرسة علي بن أبي طالب.
لذلك نرى الإمام الصادق يقف إزاء هذه التهمة موقفا حازما فيردها كما رد تهمة الغلو التي أرادتها الحكومة العباسية، فنهى الإمام الصادق عن سب الشيخين في أكثر من مورد وموطن، فقال: (لا تسبوا أبا بكر فإنه أولدني مرتين).
وقال: (لا تكونوا سبابين ولا لعانين).
وقد نقل من قبل رد وردع الإمام السجاد لمثل ضده النعرة التي أثارتها الحكومة، ولعلها أرسلت عينا وجاسوسا على الإمام السجاد يسأله عن رأيه في أنه يحب أبا بكر وعمر ويتولاهما، فأجابه الإمام بما يردع ويقمع هوى الحكومة الأموية، فقال له: (اذهب وأحب أبا بكر وعمر وتولهما، فما كان من إثم خفي عني).
إن الأئمة كانوا لا يريدون أن ينشغل المسلمون بمثل تلك الجزئيات ويتركوا