الذين اكتفوا بدراسة الأسانيد دون معرفة ملابسات التشريع.
إذن، فخروجنا وتخطينا لما نعتقده هو نقص، إذ لا يمكننا الوقوف على الأحكام بصورتها الواضحة إلا ببيان مثل هذه القضايا، وإليك أحد تلك المواضيع الدخيلة والمؤثرة في فهم الشريعة:
تدوين السنة النبوية، ودور الحكام فيه:
يبدو أنه لما عاجلت المنية عمر بن عبد العزيز أعرض ابن حزم عن كتابة الحديث، خاصة لما عزله يزيد بن عبد الملك، - الذي تولى الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز سنة 101 ه -، وكذلك توقف كل من كانوا يكتبون مع أبي بكر، وفترت حركة التدوين، إلى أن تولى هشام بن عبد الملك سنة 105 ه، فجد في هذا الأمر ابن شهاب الزهري المتوفى سنة 124 ه بل قالوا: إنه أكرهه على تدوين الحديث، لأنهم كانوا يكرهون كتابته - كما سيتبين لك بعد - ولكن لم تلبث هذه الكراهية أن صارت رضا.. ولم يلبث ابن شهاب أن صار حظيا عند هشام، فحج معه، وجعله معلم أولاده، إلى أن توفي قبل هشام بسنة، وتوفي هشام سنة 125، وبموته تزعزع ملك بني أمية، ودب فيه الاضطراب (1).
وقد حدث معمر عن الزهري، أن قال: كنا نكره كتابة العلم، حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء، فرأينا أن لا نمنعه أحدا من المسلمين (2).
وفي آخر: استكتبني الملوك فاكتبتهم، فاستحيت الله إذ كتبتها للملوك ولا أكتبها لغيرهم (3).
والآن، نتساءل.. من هم أولئك الحكام الذين يدعون إلى تدوين السنة الشريفة؟! ألم يكونوا هم أبناء أبي سفيان، والحكم بن العاص ومن يماثلهم؟
أليس هم الذين وقفوا بوجه النبي، ولم يدخلوا في الإسلام إلا مكرهين؟!