قال أبو جرير الرقاشي: قلت لأبي الحسن موسى: كيف أتوضأ للصلاة؟
فقال: (لا تعمق في الوضوء، ولا تلطم وجهك بالماء، ولكن اغسله من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا) (1).
فموسى بن جعفر أجاب السائل بجواب يستبطن الإشارة إلى شيوع ظاهرة التعمق في الوضوء والمبالغة في صب الماء إلى حد الإسراف، وذلك ما حدا بالإمام أن يقدم له مقدمة ربما لا ترتبط بسؤال السائل، لأن السائل طلب بيان كيفية الوضوء، والإمام أجاب بقوله (لا تعمق في الوضوء). وفي جواب الإمام دلالة على قضية مهمة، هي شيوع ظاهرة تكثير الغسلات، وغسل الممسوحات، فالإمام قدم هذه المقدمة ليوضح للسائل ماهية الوضوء وأنه ليس كما يصوره البعض بلطم الماء بالوجه وإدخاله في العين وعدم جواز رد سلام القادم وما شابه، فإن كل هذه من التعمق المنهي عنه في الدين.
وقد حمل الفقهاء المسح - الوارد في ذيل هذه الرواية - أولا على المجاز بمعنى الغسل، ثم على الحقيقة، وذلك عين الصواب.
فإن الإمام عبر عن الغسل هنا بالمسح مجازا لبيان أن المطلوب من الوضوء هو المرة الواحدة التي يصدق بها الغسل والطهارة الشرعية، ولذلك بالغ في إجزائها فعبر بالمسح على الذراعين، وكان قبلها بين غسل الوجه بقوله (اغسله...
مسحا) فعبر بالمسح أيضا مبالغة في إجزاء الغسل المأمور به وعدم إجزاء تكثير الغسلات وغسل الممسوحات، دحضا للمدرسة الوضوئية التي تبناها أتباع مدرسة الرأي والاجتهاد.
كما روى الكاظم للناس الوضوء الذي أمر الله به نبيه:
عن عيسى بن المستفاد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه أن رسول الله (ص) قال لعلي وخديجة لما أسلما: (إن جبرئيل عندي يدعوكما إلى بيعة الإسلام، ويقول لكما: إن للإسلام شروطا، أن تقولا: نشهد أن لا إله إلا الله...)