وأخرج الكليني بسنده إلى حماد بن عثمان، قال: كنت قاعدا عند أبي عبد الله (أي الصادق) فدعا بماء فملأ به كفه فعم به وجهه، ثم ملأ كفه فعم به يده اليمنى، ثم ملأ كفه فعم به يده اليسرى، ثم مسح على رأسه ورجليه، وقال: (هذا وضوء من لم يحدث) يعني به التعدي في الوضوء (1).
وجاء عنه (ع): (إنما الوضوء حد من حدود الله، ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه، وإن المؤمن لا ينجسه شئ، إنما يكفيه مثل الدهن) (2).
فالإمام الباقر بقوله هذا الكلام أراد التعريض بالذين تعمقوا، من عند أنفسهم، في الدين وأدخلوا فيه ما ليس منه وأبدلوا المسح بالغسل، وزادوا في عدد الغسلات.. كل ذلك اعتقادا منهم أنه الإسباغ وإتمام للوضوء!
فالباقر بقوله (يكفيه مثل الدهن) أراد الإشارة إلى عدم ضرورة تعدد الغسلات، وأن طهارة الوضوء ليست حقيقية، بل هي طهارة حكمية، فالامتثال يتحقق بإتيانه كالدهن، إذ المؤمن لا ينجسه شئ.
وتلخص مما سبق:
1 - أن الإمام الباقر لا يرتضي الغسل الثالث في الوضوء، ويرى الإتيان به مرة تسقط ما في ذمة المكلف، وقد توضأها رسول الله (ص). أما الغسلة الثانية فهي سنته (ص) وعليها يعطى الأجر مرتين، إذ أن طهارة الوضوء ليست حقيقية - كرفع النجاسة - بل هي طهارة حكمية يمكن تحققها والامتثال بالمرة، إذ المؤمن لا ينجسه شئ ويكفي في طهارته من المقدار كالدهن!
2 - لزوم مسح الرأس والأرجل ببل يديه، فإنه ولما توضأ قال: (هذا وضوء من لم يحدث) ويعني بالمحدث الذي تعدى في الوضوء!
3 - غسل اليدين من المرفقين، فلا يجوز عندهم رد الماء إلى المرافق بعد أن صب عليها.
4 - عدم جواز غسل الرأس بل لزوم مسح مقدمه، وإن مسح بشئ من