الوضوء في العهد النبوي مما لا شك ولا ريب فيه أن المسلمين في الصدر الأول كانوا يتوضؤون كما كان النبي (ص) يتوضأ بكيفية واحدة، ولم يقع بينهم أي اختلاف يذكر، وأنه لو وجد لوصل إلينا ما يشير إليه، ولتناقلته كتب الحديث والسير والأخبار، إذ أن المشرع كان بين ظهراني الأمة، وهو بصدد التعليم والإرشاد - لأمته الحديثة العهد بالإسلام - فمن البعيد حدوث الخلاف بينهم مع كون الجميع يرجعون إلى شخص واحد للأخذ منه وقد قال سبحانه فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول، أضف إلى ذلك مشاهدتهم لفعله (ص) الذي هو السنة والرافع لكل لبس وإبهام قد يخالطان البعض، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: إن الخلاف في كثير من الأمور بين الأمة إنما هو وليد العصور المتأخرة التي جاءت بعد عهده الشريف.
نعم، قد يقال: إن سبب اختلاف الأمة في الوضوء وجود تشريعين، كان النبي (ص) يفعلهما على نحو التخيير، دون الإشارة إلى ذلك!! أي أنه (ص): كان تارة يتوضأ حسبما رواه عثمان (1) وعبد الله بن زيد بن عاصم (2) والربيع بنت المعوذ (3) وعبد الله بن عمرو بن العاص (4) عنه (ص)، وأخرى مثلما نقله علي ابن أبي طالب (5) ورفاعة بن رافع (6) وأوس بن أبي أوس (7) وعباد بن تميم بن