والثاني: يفديه بجميع الأرش بالغا ما بلغ أو يسلمه للبيع، وهذا هو المنصوص عليه لأصحابنا، فإن فداه بقي العبد رهنا كما كان عند المرتهن.
وإن امتنع من الفداء قلنا لمرتهنه: تختار أن تفديه، فإن قال: لا أفديه، سلم العبد للبيع وبيع منه بقدر الأرش على ما تقدم بيانه، وإن اختار المرتهن أن يفديه فبكم يفديه؟ فعلى ما مضى من الوجهين.
فإذا فداه نظر: فإن كان بغير أمر الراهن لم يرجع به عليه لأنه متبرع به، وإن كان بأمره نظر: فإن شرط الرجوع عليه كان له أن يرجع، وإن لم يشترط الرجوع عليه قيل فيه وجهان: أحدهما: يرجع.
والثاني: لا يرجع، والأول أصح.
فإذا ثبت هذا فإن شرط المرتهن أن يفديه على أن يكون العبد رهنا بالأرش مع الدين كان جائزا كما قلناه في زيادة المال على الرهن، ويكون رهنا بالمالين.
وإذا أمر رجل عبده المرهون بأن يجني على إنسان فجنى عليه فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون مميزا بأن يكون بالغا عاقلا يعلم أنه لا يجوز أن يطيع سيده بالجناية على غيره فإذا كان كذلك وأمره بالجناية على غيره فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكرهه عليه أو لا يكرهه، فإن لم يكرهه عليه وإنما أمره به ففعله العبد فإن العبد هو الجاني، وعليه القصاص إن كانت الجناية توجب القصاص، وإن عفي عن القصاص على مال تعلق أرش الجناية برقبة العبد يباع فيه ويقدم على حق المرتهن، وأما السيد فلا يلزمه من هذه الجناية شئ في ذمته لكنه يأثم بأمره إياه بها، فإن كان العبد مكرها على ذلك لا يسقط القصاص عنه بالإكراه لأن الإكراه عندنا في القتل لا يصح.
وإذا عفي على مال وجب المال وتعلق برقبة العبد يباع في ذلك بقدر الجناية، وإن كان العبد صبيا إلا أنه مميز فالحكم فيه كما ذكرناه في البائع، وقد روى أصحابنا أن حد ذلك عشر سنين فإنهم قالوا: إذا بلغ ذلك اقتص منه