مسألة 17: إذا تكفل ببدن رجل، فغاب المكفول به غيبة يعرف موضعه، ألزم الكفيل إحضاره، ويمهل مقدار زمان ذهابه ومجيئه لإحضاره، فإن لم يحضره بعد انقضاء هذه المدة المذكورة حبس أبدا حتى يحضره أو يموت. وبه قال جميع من أجاز الكفالة بالبدن.
وقال ابن شبرمة: يحبس في الحال ولا يمهل، لأن الحق قد حل عليه.
دليلنا: أن من شرط الكفالة إمكان تسليمه، والغائب لا يمكن تسليمه في الحال، فوجب أن يمهل حتى يمضى زمان الإمكان.
مسألة 18: إذا تكفل ببدن رجل، فمات المكفول به، زالت الكفالة وبرأ الكفيل، ولا يلزمه المال الذي كان عليه. وبه قال جميع الفقهاء الذين أجازوا كفالة الأبدان.
وقال مالك: يلزمه ما عليه، وإليه ذهب ابن سريج.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، فمن علق عليها شيئا فعليه الدلالة.
وأيضا فإنه تكفل ببدنه دون ما في ذمته، فلا يلزمه تسليم ما لم يتكفل به، ولم يضمنه.
مسألة 19: إذا رهن شيئا ولم يسلمه، فتكفل رجل بهذا التسليم صح.
وقال الشافعي: لا يصح.
دليلنا: أنا قد بينا أن الراهن يجب عليه تسليم الرهن، فصحت الكفالة عنه، والشافعي بناه على أنه لا يجب عليه تسليمه، وقد بينا خلافه.