وقال أبو العباس بن سريج، وأبو العباس بن القاص: لا يجوز ذلك.
دليلنا: قوله عليه السلام: الزعيم غارم، ولم يفصل، والأصل جواز ذلك، والمنع منه يحتاج إلى دلالة.
وأيضا فإن الاستيثاق من الحقوق جائز، فلا يخلو من أن يكون بالشهادة أو بالرهن أو الضمان، ولا فائدة في الشهادة لأنها ليست وثيقة، والرهن لا يجوز في هذا الموضع بلا خلاف، لأنه كان يؤدى إلى أن يتعطل الرهن أبدا، فلم يبق بعد هذا إلا الضمان، وإلا خلا المال من الوثيقة.
مسألة 13: لا يصح ضمان المجهول، سواء كان واجبا أو غير واجب، ولا يصح ضمان ما لا يجب، سواء كان معلوما أو مجهولا. وبه قال الشافعي، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل.
وقال أبو حنيفة، ومالك: يصح ضمان ذلك.
دليلنا: ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى عن الغرر، وضمان المجهول غرر، لأنه لا يدري كم قدرا من المال عليه.
وأيضا فلا دليل على صحة ذلك، فمن ادعى صحته فعليه الدلالة.
مسألة 14: يصح الضمان عن الميت، سواء خلف وفاء أو لم يخلف. وبه قال الشافعي، ومالك، وأبو يوسف، ومحمد.
وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري: لا يصح الضمان عن الميت إذا لم يخلف وفاء بمال، أو ضمان ضامن. وإن خلف وفاء بمال، أو ضمان صح الضمان عنه.
دليلنا: خبر علي عليه السلام وأبي قتادة وضمانهما عن الميت، وإجازة النبي صلى الله عليه وآله ذلك مطلقا من غير فصل، فدل على أن الحكم لا يختلف.
وروي عن أنس بن مالك أنه قال: من استطاع منكم أن يموت وليس عليه دين فليفعل، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أتى بجنازة يصلى