وأما السن فحده في الذكور خمسة عشر سنة، وفي الإناث تسع سنين، وروي عشر سنين.
قد ذكرنا أن الصبي لا يدفع إليه ماله حتى يبلغ، فإذا بلغ وأونس منه الرشد فإنه يسلم إليه ماله، وإيناس الرشد منه أن يكون مصلحا لماله عدلا في دينه، فأما إذا كان مصلحا لماله غير عدل في دينه أو كان عدلا في دينه غير مصلح لماله فإنه لا يدفع إليه ماله، ومتى كان غير رشيد لا يفك حجره وإن بلغ وصار شيخا، ووقت الاختيار يجب أن يكون قبل البلوغ حتى إذا بلغ إما أن يسلم إليه ماله أو يحجر عليه، وقيل: إنه يكون الاختيار بعد البلوغ، والأول أحوط لقوله تعالى: " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا " فدل على أنه يكون قبله ولأنه لو كان الاختيار بعد البلوغ أدى إلى الحجر على البالغ الرشيد إلى أن يعرف حاله وذلك لا يجوز.
فإذا ثبت ذلك فنحن نبين كيفية اختباره فيما بعد.
وجملته أن الأيتام على ضربين: ذكور وإناث، فالذكور على ضربين: ضرب يبذلون في الأسواق ويخالطون الناس بالبيع والشراء، وضرب يصانون عن الأسواق.
فالذي يخالطون الناس ويبذلون في الأسواق فإنه يعرف اختبارهم بأن يأمره الولي أن يذهب إلى السوق ويساوم في السلع ويقاول فيها ولا يعقد العقد، فإن رآه يحسن ذلك ولا يغبن فيه علم أنه رشيد وإلا لم يفك عنه الحجر، وقيل أيضا: إنه يشتري له سلعة بغير أمره ويواطئ البائع على بيعها من اليتيم وينفذه الولي إليه ليشتريها منه، وقيل أيضا: إنه يدفع إليه شيئا من المال ليشتري به سلعة ويصح شراؤه للضرورة في حال صغره لنختبره.
وإن كان اليتيم ممن يصان عن الأسواق مثل أولاد الرؤساء والأمراء فإن اختبارهم أصعب، فيدفع إليهم الولي نفقة شهر يختبرهم بها فينظر: فإن دفعوا إلى أكرتهم وغلمانهم وعمالهم ومعامليهم حقوقهم من غير تبذير وأقسطوا في النفقة