لم يجب عليه الغسل ولم يحكم ببلوغه، وكذلك إذا خرج من فرج الذكور من الخنثى لم يحكم ببلوغه ولم يلزمه الغسل، وإن خرج من فرج الإناث لم يحكم ببلوغه أيضا لأنه يجوز أن يكون ذكرا وذلك خلقة زائدة، وإن لم يخرج مني وخرج دم من فرج الإناث لم يحكم بالبلوغ أيضا لأنه يجوز أن يكون ذكرا وذلك خلقة زائدة، وإنما يكون الدم بلوغا إذا خرج من محله الأصلي دون غيره، وإن أمنى من الفرجين حكم ببلوغه لأنا نتيقن أن إحدى المحلين هو المحل الأصلي والآخر خلقة زائدة، ومتى خرج المني منهما فقد تيقنا خروجه من المحل الأصلي، وكذلك إن حاض من فرج الإناث وأمنى من فرج الذكر حكم بالبلوغ أيضا لأنا تيقنا خروج ما يقع به البلوغ من محله، لأنه إن كان ذكرا انفصل المني عنه من محله، وإن كان أنثى فقد انفصل الدم عنها من محله.
وأما الحمل فإنه ليس ببلوغ حقيقة وإنما هو علم على البلوغ، وإنما كان كذلك لأن الله تعالى أجرى العادة أن المرأة لا تحبل حتى يتقدم منها حيض، ولأن الحمل لا يوجد إلا بعد أن ترى المرأة المني، لأن الله تعالى أخبر أن الولد مخلوق من ماء الرجل وماء المرأة بقوله: " يخرج من بين الصلب والترائب " أراد من الصلب الرجل والترائب المرأة، وقوله " من نطفة أمشاج نبتليه " أراد بالأمشاج الاختلاط والإنبات فإنه دلالة على البلوغ ويحكم معه بحكم البالغين، ومن الناس من قال: إنه بلوغ.
فإذا ثبت هذا فثلاثة أشياء بلوغ وهي " الاحتلام " و " الحيض " و " السن "، والحمل دلالة على البلوغ، وكذلك الإنبات على خلاف فيه، وإذا كان بلوغا فهو بلوغ في المسلمين والمشركين، وإذا كان دلالة على البلوغ فمثل ذلك في كل موضع، والاعتبار بإنبات العانة على وجه الخشونة التي يحتاج إلى الحق دون ما كان مثل الزغب، ولا خلاف أن إنبات اللحية لا يحكم بمجرده بالبلوغ، وكذلك سائر الشعور، وفي الناس من قال: إنه علم على البلوغ، وهو الأولى لأنه لم تجر العادة بخروج لحية من غير بلوغ.