إحديهما: يبلغ باستكمال تسع عشرة سنة، وهي رواية الأصل.
والأخرى: ثمان عشرة سنة، وهي رواية الحسن بن زياد اللؤلؤي.
وحكي عن مالك أنه قال: البلوغ: بأن يغلظ الصوت، وأن ينشق الغضروف - وهو رأس الأنف -، وأما السن فلا يتعلق به البلوغ.
وقال داود: لا يحكم بالبلوغ بالسن.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم قد أوردناها في الكتاب الكبير.
وروى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ماله، وما عليه، وأخذت منه الحدود.
وروى عبد الله بن عمر أنه قال: عرضت على رسول الله صلى الله عليه وآله عام بدر وأنا ابن ثلاث عشرة سنة فردني، ولم يرني بلغت، وعرضت عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني، ولم يرني بلغت، وعرضت عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة، فأجازني في المقاتلة.
فنقل الحكم وهو الرد والإجازة، وسببه وهو السن.
مسألة 3: لا يدفع المال إلى الصبي، ولا يفك حجره حتى يبلغ بأحد ما قدمنا ذكره، ويكون رشيدا وحده: أن يكون مصلحا لماله، عدلا في دينه، فإذا كان مصلحا لماله غير عدل في دينه، أو كان عدلا في دينه غير مصلح لماله، فإنه لا يدفع إليه ماله. وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: إذا كان مصلحا لماله، ومدبرا له، وجب فك الحجر عنه، سواء كان عدلا في دينه، مصلحا له، أو لم يكن.
دليلنا: قوله تعالى: فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم، فاشترط الرشد، ومن كان فاسقا في دينه كان موصوفا بالغي، ومن وصف بالغي لا يوصف بالرشد، لأن الغي والرشد صفتان متنافيتان، لا يجوز اجتماعهما.
ولأنه إذا كان عدلا في دينه، مصلحا لماله، فلا خلاف في جواز دفع المال