بيعه أجمع لتعذر تسليمه، والبئر العادية إذا طمت وذهب ماؤها فاستخرجه انسان ملكها، ولو حفر في المباح لا للتملك بل للانتفاع فهو أحق به مدة مقامه عليها، وقيل: يجب بذلك الفاضل من مائها عن قدر حاجته، وفيه نظر، فإذا فارق فمن سبق فهو أحق بالانتفاع ولا يختص بها أحد، ولو حفرها جماعة ملكوها على نسبة الخرج، وإذا حفر بئرا في ملكه لم يكن له منع جاره من حفر أعمق في ملكه وإن كان يسري الماء إليها، والملك في القناة المشتركة بحسب الاشتراك في العمل أو الخرج.
الثالث: مياه العيون والغيوث والآبار في الأرض المباحة لا للتملك شرع لا يختص بها أحد، فمن انتزع عنها شيئا في إناء وشبهه ملكه ويقدم السابق مع تعذر الجمع، فإن اتفقا أقرع.
الرابع: مياه الأنهار الكبار كالفرات ودجلة والناس فيها شرع.
الخامس: الأنهار الصغار غير المملوكة يزدحم الناس فيها ويتشاحون في مائها أو في مسيل يتشاح فيه أهل الأرض الشاربة منه، ولا يفي لسقي ما عليه دفعة فإنه يبدأ بالأول، وهو الذي يلي فوهته ويحبس على من دونه حتى ينتهي سقيه للزرع إلى الشراك وللشجر إلى القدم وللنخل إلى الساق ثم يرسل إلى من دونه ولا يجب الإرسال قبل ذلك، وإن تلف الأخير فإن لم يفضل عن الأول شئ أو عن الثاني فلا شئ للباقين.
ولو كانت أرض الأعلى مختلفة في العلو والهبوط سقى كلا على حدته، ولو تساوى اثنان في القرب من الرأس قسم بينهما فإن تعذر أقرع، فإن لم يفضل عن أحدهما سقى من أخرجته القرعة بقدر حقه ثم يتركه للآخر، وليس له السقي بجميع الماء لمساواة الآخر له في الاستحقاق، والقرعة تفيد التقديم بخلاف الأعلى مع الأسفل، ولو كانت أرض أحدهما أكثر قسم على قدرها لأن الزائد مساو في القرب.