إذا وصفها، والأول أصح لأنه لا دلالة على وجوب تسليمها إليه، فإذا ثبت ذلك ووصفها انسان وقلنا يجوز أن يسلمها إليه فأعطاه، ثم جاء آخر وأقام بينة بأنها له انتزعت من الذي تسلمها وأعطيت للذي أقام البينة لأنه أقام بينة وليس عليه أكثر من إقامتها، فإن أقام آخر بينة بأنها له فالذي يقتضيه مذهبنا أنه يستعمل القرعة والأقوى عندي أنه إذا لم تقم البينة لا يعطيه إياها سواء غلب في ظنه صدقه أو لم يغلب لأنه لا دليل عليه، والذمة اشتغلت بحفاظها وتعريفها وألا يسلمها إلا إلى صاحبها، وهذا الواصف لها ليس بصاحبها على ظاهر الشرع والأدلة.
إذا قال: من جاء بعبدي الآبق فله دينار، فجاء به واحد استحق الدينار وكذلك إن جاء به اثنان أو ثلاثة وما زاد على ذلك، ولو قال: من دخل داري فله دينار، فدخلها اثنان فصاعدا استحق كل واحد دينارا، والفرق بينهما أن من قال: من دخل داري فله كذا، علق الاستحقاق بالدخول وقد وجد من كل واحد منهم ذلك فاستحقه، وليس كذلك الرد لأنه علق الاستحقاق برده ولم يرده كل واحد منهم بانفراده، وإنما جاء به جميعهم فبجميعهم حصل المقصود فلهم كلهم الأجرة لأن السبب وجد من جميعهم ولم يوجد من كل واحد على الانفراد.
الذمي إذا وجد لقطة في بلاد الاسلام كان حكمه فيها حكم المسلمين سواء، ومن وجد لقطة فإذا عرفها سنة فقد أتى بما عليه وإن عرف ستة أشهر ثم ترك التعريف فهل يستأنف أو يبني؟ قيل فيه وجهان: أحدهما يستأنف والآخر يبني عليها، وهو الأقوى لأنه ليس في الخبر أكثر من أن يعرف سنة ولم يقل متوالية ولا متواترة.
فإذا ثبت ذلك فالكلام في ثلاثة أشياء: أحدها: وقت التعريف، والثاني: كيفية التعريف، والثالث: مكان التعريف.
فأما وقت التعريف فإنه يعرف بالغداة والعشي وقت بروز الناس، ولا يعرف بالليل ولا عند الظهر والهاجرة التي يقيل فيها الناس.
فأما كيفية التعريف فإنه يقول: من ضاع له لقطة، أو يقول: من ضاع له دينار