كذلك المسح، لأنه لا يحصل فيه الاحتمال المذكور. الثاني أن نسلم تساوي الاحتمالين، ونقول: إذا اشتبه على الصحابة ما فعله النبي عليه السلام حتى اختلفوا فيه طائفتين، فلأن يستمر الاشتباه على غيرهم أولى، فتكون دلالة الآية حينئذ سليمة عن معارضة فعل النبي صلى الله عليه وآله.
فإن قيل: لا نسلم أن خفض الأرجل بالعطف على الرؤوس، ولم لا يجوز أن يكون بالمجاورة وإن كان معطوفا على الأيدي، كما قيل " حجر ضب خرب " وهو صفة الجحر، وكقوله: " كبير أناس في بجاد مزمل " (14) وهو صفة الكبير، فلا يلزم مساواته لحكم الرأس. سلمنا أنه معطوف على الرؤوس فلم لا يجوز أن يراد بالمسح الغسل، لأنه قد يستعمل في إرادة الغسل الخفيف، ولهذا يقال: تمسحت للصلاة، وكذا قيل في تفسير قوله تعالى: * (فطفق مسحا بالسوق والأعناق) * (15). سلمنا أن قراءة الخفض تقتضي المسح لكن قراءة النصب تقتضي الغسل، فيلزم إما التخيير أو العمل بالغسل توفيقا بين القراءة ونقل الكيفية. ثم نقول: ما المانع أن ننزل قراءة الخفض على مسح الخفين وقراءة النصب على غسل الرجلين.
فإن قلت: قراءة النصب تدل أيضا على المسح، لأن العطف قد يكون على الموضع كما يكون على اللفظ كقوله: " فلسنا بالجبال ولا الحديدا " (16).