فلأن الدين هو إما من الشأن والعادة. ولا ريب أن الوضوء ليس من عادة العرف، بل هو من عادة الشرع وشأنه، وإما من دانه يدينه أي أذله واستعبده (5)، والوضوء بهذه الصفة فيكون داخلا في الاسم.
وأما الأثر فما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنه سئل عن رجل اغتسل للجنابة ولم ينو، قال: يعيد الغسل (6).
وأما المعقول فوجهان:
الأول: أن الوضوء عبادة لا يتعين للمقصود بها بنفسها، فوجب تعينها بالنية. أما أنه عبادة فلوجهين: أحدهما: ما رواه الوشاء قال: دنوت لا صب على يد الرضا (عليه السلام) فنهاني وقال هانذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة وأكره أن يشركني فيها أحد (7). والثاني: أن العبادة مشتقة من التعبد وهو التذلل، لوجود هذا المعنى في جملة موارد استعمال هذه اللفظة (8)، والطهارة كذلك فتجعل حقيقة فيها. وأما أنها لا تتعين للمقصود بنفسها، فلأن المقصود بها الصلاة والقربة، وصورة الطهارة كما تحمل إرادة ذلك تحمل إرادة التبرد وإزالة الخبث وإماطة الدرن، فلا تختص بإزالة الحدث إلا بالنية.
والوجه الثاني: أن نقول: لو صح الوضوء من غير نية لزم أحد الأمرين: