الإلهي، لكون هذه العلة تحدث في الرأس، فتضر بالجزء الإلهي الظاهر (1) الذي مسكنه الدماغ.
وهذا التأويل نشأ لهم من جهلهم بهذه الأرواح، وأحكامها، وتأثيراتها.
وجاءت زنادقة الأطباء: فلم يثبتوا إلا صرع الاخلاط وحده.
ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتها، يضحك من جهل هؤلاء، وضعف عقولهم.
وعلاج هذا النوع يكون بأمرين: أمر من جهة المصروع، وأمر من جهة المعالج.
فالذي من جهة المصروع، يكون: بقوة نفسه، وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان. فإن هذا نوع محاربة، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا لامرين: أن يكون السلاح صحيحا في نفسه جيدا، وأن يكون الساعد قويا. فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل، فكيف إذا عدم الأمران جميعا: يكون القلب خرابا من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه، ولا سلاح له؟!
والثاني من جهة المعالج: بأن يكون فيه هذان الأمران أيضا، حتى إن من المعالجين من يكتفى بقوله: اخرج منه، أو يقول باسم الله، أو يقول: (2) لا حول ولا قوة إلا بالله.
والنبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: " اخرج عدو الله، أنا رسول الله " (3) وشاهدت شيخنا: يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه، ويقول: قال لك الشيخ: اخرجي فإن هذا لا يحل لك. فيفيق المصروع. وربما خاطبها بنفسه. وربما كانت الروح ماردة: فيخرجها بالضرب، فيفيق المصروع، ولا يحس بألم. وقد شاهدنا - نحن وغيرنا - منه ذلك مرارا.