وقد اعترف فضلاء الأطباء: بأن ماءها يجلو العين. وممن ذكره المسيحي وصاحب القانون، وغيرهما.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " الكمأة من المن "، فيه قولان:
(أحدهما): أن المن الذي أنزل على بني إسرائيل لم يكن هذا الحلو فقط، بل أشياء كثيرة من الله عليهم بها: من النبات الذي يوجد عفوا من غير صنعة ولا علاج ولا حرث.
فإن " المن " مصدر بمعنى المفعول، أي: ممنون به. فكل ما رزقه الله العبد عفوا بغير كسب منه ولا علاج، فهو من من الله تعالى عليه: لأنه لم يشبه كسب العبد، ولم يكدره تعب العمل. فهو من محض: وإن كانت سائر نعمه منا منه على عبده، فخص منها مالا كسب له فيه ولا صنع، باسم المن: فإنه (من) (1) بلا واسطة العبد. وجعل سبحانه قوتهم (2) بالتيه: الكمأة، وهى تقوم مقام الخبز. وجعل أدمهم: السلوى، وهو يقوم (3) مقام اللحم. وجعل حلواهم: الطل الذي ينزل على الأشجار، (وهو) (4) يقوم لهم مقام الحلوى. فكمل عيشهم. وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: " الكمأة من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل "، فجعلها من جملته وفردا من أفراده. والترنجبين - الذي يسقط على الأشجار - نوع من المن، ثم غلب استعمال المن عليه عرفا حادثا.
(والقول الثاني): أنه شبه الكمأة بالمن المنزل من السماء، لأنه يجمع من غير تعب ولا كلفة. ولا زرع بزر (5) ولا سقى.
فإن قلت: فإذا كان هذا شأن الكمأة، فما بال هذا الضرر فيها؟ ومن أين أتاها ذلك.
فاعلم أن الله سبحانه أتقن كل شئ صنعه، وأحسن كل شئ خلقه، فهو - عند مبدأ