الراحة. وهو نوعان: طبيعي، وغير طبيعي. فالطبيعي: إمساك القوى النفسانية على أفعالها، وهى قوى الحس والحركة الإرادية. ومتى أمسكت هذه القوى عن تحريك البدن:
استرخى، واجتمعت الرطوبات والأبخرة التي كانت تتحلل وتتفرق بالحركات واليقظة في الدماغ الذي هو مبدأ هذه القوى، فيتخدر ويسترخى. وذلك النوم الطبيعي. وأما النوم غير الطبيعي، فيكون لعرض أو مرض. وذلك: بأن تستولى الرطوبات على الدماغ استيلاء لا تقدر اليقظة على تفريقها، أو تصعد أبخرة رطبة كثيرة - كما يكون عقيب الامتلاء من الطعام والشراب - فتثقل الدماغ وترخيه، فيتخدر ويقع إمساك القوى النفسانية عن أفعالها، فيكون النوم.
وللنوم فائدتان جليلتان: (إحداهما) (1): سكون الجوارح وراحتها مما يعرض لها من التعب، فيريح (2) الحواس من نصب اليقظة، ويزيل الاعياء والكلال. (والثانية):
هضم الغذاء، ونضج الاخلاط. لان الحرارة الغريزية - في وقت النوم - تفور إلى باطن البدن، فتعين على ذلك. ولهذا يبرد ظاهره، ويحتاج النائم إلى فضل دثار.
وأنفع النوم: أن ينام على الشق الأيمن -: ليستقر الطعام بهذه الهيئة في المعدة، استقرارا حسنا. فإن المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلا. - ثم يتحول إلى الشق الأيسر قليلا: ليسرع الهضم بذلك لاستمالة (3) المعدة على الكبد، ثم يستقر نومه على الجانب الأيمن: ليكون الغذاء أسرع انحدارا عن (4) المعدة. فيكون النوم على الجانب الأيمن بداءة نومه ونهايته. وكثرة النوم على الجانب الأيسر مضر بالقلب، بسبب ميل الأعضاء إليه: فتنصب إليه المواد.
وأردأ النوم: النوم على الظهر. ولا يضر الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم.