شفاء تاما وصحة وعافية. والله الموفق.
وأما دعوة ذي النون، فإن فيها -: من كمال التوحيد والتنزيه للرب تعالى، واعتراف العبد بظلمه وذنبه. - ما هو من أبلغ أدوية الكرب والهم والغم. وأبلغ الوسائل إلى الله سبحانه في قضاء الحوائج. فإن التوحيد والتنزيه يتضمنان إثبات كل كمال لله، وسلب كل نقص وعيب وتمثيل عنه. والاعتراف بالظلم بتضمن إيمان العبد بالشرع والثواب والعقاب، ويوجب انكساره ورجوعه إلى الله، واستقالة عثرته، والاعتراف بعبوديته وافتقاره إلى ربه.
فههنا أربعة أمور قد وقع التوسل بها: التوحيد، والتنزيه، والعبودية، والاعتراف.
وأما حديث أبي أمامة: " اللهم، إني أعوذ بك من الهم والحزن "، فقد تضمن الاستعاذة من ثمانية أشياء كل اثنين منها قرينان مزدوجان: فالهم والحزن أخوان، والعجز والكسل أخوان، والجبن والبخل أخوان، وضلع الدين (1) وغلبة الرجال أخوان. فإن المكروه المؤلم إذا ورد على القلب: فإما أن يكون سببه أمرا ماضيا، فيوجب له الحزن.
وإن كان أمرا متوقعا في المستقبل: أوجب الهم. وتخلف العبد عن مصالحه وتفويتها عليه:
إما أن يكون من عدم القدرة وهو العجز، أو من عدم الإرادة وهو الكسل. وحبس خيره ونفعه عن نفسه وعن بنى (2) جنسه: إما أن يكون منع نفعه ببدنه: فهو الجبن، أو بماله:
فهو البخل. وقهر الناس له إما بحق: فهو ضلع الدين، أو بباطل: فهو غلبة الرجال. فقد تضمن الحديث الاستعاذة من كل شر.
وأما تأثير الاستغفار في دفع الهم والغم والضيق. فلما (3) اشترك في العلم به أهل الملل وعقلاء كل أمة: أن المعاصي والفساد توجب الهم والغم، والخوف والحزن، وضيق الصدر، وأمراض القلب. حتى إن أهلها إذا قضوا منها أوطارهم، وسئمتها نفوسهم -: ارتكبوها