قبلكم (1).
وإذا سبقنا الأحداث فإنني أسجل هنا أن قرار النفي واللعن نفذه النبي صلى الله عليه وسلم وفقا لما جاء في هذه الآية الكريمة، على الحكم بن العاص (2). وظل الحكم في المنفى حتى رده عثمان بن عفان وكانت عودته عمود أصيل فيما جرى من أحداث سنبينها في حينه.
وتيار الذين في قلوبهم مرض، نواته الأولى كانت بمكة قيل الهجرة. وجاء ذكرهم في سورة المدثر وهي سورة مكية، تعالى: (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا..) (3). فإذا كان النفاق قد ظهر في المدنية وهو رأي الغالب الأعم من المفسرين. فإنه لا معنى للقول إن الذين في قلوبهم مرض في هذه الآية هم المنافقون، وذلك لأن السورة مكية.
وقال المفسرون في معنى الآيات: أي ما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة، يقدرون على ما أمروا به. فليسوا من البشر حتى يرجوا المجرمون أن يقاوموهم، وما ذكرنا عددهم وهو قوله تعالى (عليها تسعة عشر) إلا فتنة للذين كفروا، ليوقن أهل الكتاب، بأن القرآن النازل عليك حق. حيث يجدون ما أخبرنا به من عدة أصحاب النار موافقا لما ذكر فيما عندهم من الكتاب، ويزداد الذين آمنوا إيمانا بسبب ما يجدون من تصديق أهل الكتاب ذلك (وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون. ماذا أراد الله بهذا مثلا) أي ما الذي يعنيه من وصف الخزنة بأنهم تسعة عشر. فهذه العدة القليلة، كيف تقوى على تعذيب أكثر الثقلين من