دخل تحت الآية الكريمة التي نزلت في مكة وفي المدينة (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون * ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم * ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) (1). ومن الممكن أيضا أن يكون بعض من آمن في مكة، قد آمن طمعا في بلوغ أمنيته التي قد تكون التقدم والاستعلاء. وخصوصا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر في دعوته لقومه أنهم لو آمنوا به واتبعوه كانوا قادة الأرض. وكان الرهبان يخبرون بذلك وفقا لما بين أيديهم من أوصاف الدعوة الخاتمة، فوفقا لهذا الاعلان أن يكون هناك من آمن غير عابئا بقوة المشركين الطاحنة ويعيش على خطر، رجاء أن يوفق يوما لإدارة رحى المجتمع والعلو في الأرض. ومن الممكن أن يكون في المجتمع بعض المغمورين الطموحين إلى سعة الصيت وجذب الأنظار إليهم. فآمنوا بالدعوة التي وجدوا فيها اتجاها جديدا يضيق الفوارق بين الطبقات يمكن لهم أن يعالجوا مشاعر النقص التي يعانونها ويحقق لهم البروز وسعة الصيت والمكانة عن طريق تحدي مواقع النفوذ والسيطرة داخل المجتمع. ومن الممكن أن يكون هؤلاء المغمورين ضمن الذين لم يتعرضوا إلى أي أذى نتيجة معرفة قريش بهم في جاهليتهم، وفهمها لنواياهم الحقيقية في الانضمام للدعوة. بحيث أن الصدق والإخلاص والتفاني أمور مستبعدة بالنسبة لهؤلاء لذلك لم يتعرضوا لهم.
وقد يكون ضعاف الإيمان قد هاجروا بعد ذلك من مكة إلى المدينة. ولكن الهجرة لها شروط، ومن أهم شروطها أن تكون في سبيل الله وليس في سبيل هدف آخر، قال تعالى: (فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم) (2) وقال جل شأنه (والذين هاجروا في