يخرجون من المسجد. فاختبأ منهم حياء أنه لم يشهد الجمعة فظن أن الناس قد انصرفوا. واختبئوا هم من عمر ظنوا أنه قد علم بأمرهم... الحديث (1) فكشف تيارات النفاق على امتداد العهد النبوي كان يخضع لوحي الله تعالى. فالوحي كان يخبر بالبعض، ويخبر بالبعض الآخر ضمن خط عريض وهو يتحدث عن النفاق، نظرا لأن الأمة ممتحنة ومبتلية شأنها كشأن الأمم السابقة ليعلم الله كيف تعمل وكيف تختار ويعلم سبحانه الصابرين. إن الله تعالى أخبر عباده عن الشيطان وأهدافه، وكثير من العباد لم يروا الشيطان، وأخبر سبحانه عن المنافقين وصفاتهم وبرامجهم وكثير من الناس لم يعرفوا أسماء المنافقين. والحجة ليست في الملابس والأموال والأولاد. وإنما هي في الحركة والبرامج التي بينها الله تعالى في كتابه. يقول تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد * وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) (2). وقد يقول قائل فيمن أنزلت هذه الآية؟ والجواب عن ابن كثير يقول: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد ذلك (3). ومعنى الآية: إنه يتكلم بما يعجبك كلامه، مما يشير به إلى رعايته جانب الحق. والعناية بصلاح الخلق وتقدم الدين والأمة. وهو أشد الخصماء للحق خصومة (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها.. الآية) التولي هو القيادة والسلطان ويؤيد هذا قوله تعالى في الآية التالية: (أخذته العزة بالإثم)...
وهذا يدل على أن له عزة مكتسبة بالإثم الذي يأثم به قلبه غير الموافق للسانه.
والسعي هو العمل والإسراع في المشي، فالمعنى: وإذا تمكن هذا المنافق الشديد الخصومة من العمل، وأوتي سلطانا وتولى أمر الناس. سعي في الأرض ليفسد فيها - ويمكن أن يكون التولي - بمعنى الإعراض عن المخاطبة والمواجنة، أي: إذا خرج من عندك كانت غيبته مخالفة لحضوره. وتبدل ما كان يظهره من