ينظرون إليك من شدة الخشية نظر المحتضر (1). وقال ابن كثير في تفسير الآية:
يقول تعالى مخبرا عن المؤمنين. إنهم تمنوا شرعية الجهاد. فلما فرضه الله عز وجل. وأمر به، نكل عنه كثير من الناس.. ولهذا قال: (فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض... الآية) أي من فزعهم ورعبهم وجبنهم من لقاء العدو (2).
فالمنافق لا يمكن أن يطلب آية كي يقاتل ويقتل. وإنما الذي طلب هم المؤمنون. وعندما نزلت الآية ظهر ضعاف الإيمان منهم. ومن الدليل أيضا على أن تيار الذين في قلوبهم مرض، تيار منفصل وإن كان يعمل بطريقته الخاصة لعرقلة الطريق سواء كان يدري أو لا يدري. قوله تعالى: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين أينما ثقفوا..) (3).
فالآية الكريمة ذكرت فئات ثلاث. المنافقون، والذين في قلوبهم مرض، والمرجفون. وعلى رؤوسهم لعنة من الله تعالى إذا استمروا على ما هم عليه.
فالمنافق هو الذي أظهر الإيمان وأبطن الكفر، والذي في قلبه مرض هو الضعيف الإيمان، والمرجفون هم الذين يعملون على إشاعة الباطل لإلقاء الاضطراب والمعنى: أقسم لئن لم يكف المنافقون والذين في قلوبهم مرض عن الافساد.
والمرجفون الذين يشيعون الأخبار الكاذبة في المدنية لإلقاء الاضطراب بين المسلمين، لنحرضنك عليهم، ثم لا يجاورونك في المدنية. بسبب نفيهم عنها (سنة الله في الذين خلوا من قبل. ولن تجد لسنة الله تبديلا) (4) فهذه العقوبة، من النفي أو القتل سنة الله التي جرت في الماضين. فكلما بالغ قوم في الافساد وإلقاء الاضطراب بين الناس، وتمادوا وطغوا في ذلك، أخذهم الله كذلك. ولن تجد لسنة الله تبديلا، فتجري فيكم كما جرت في الأمم من