الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر) (1). فالهجرة الصحيحة هي ما عقد عليه القلب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات. وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله.
فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " (2). وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغي به وجهه " (3)، والقرآن الكريم لم يضع الذين هاجروا مع الأنبياء في دائرة الحصانة، لأنهم بشر جاءوا ليختبرهم الله في الحياة الدنيا من يومهم الأول إلى يومهم الأخير. ألم يهاجر السامري من مصر مع موسى عليه السلام؟ ألم يكن على مقدمة موسى عند عبور البحر وأمامه ملك يرشدهم. فماذا فعل السامري ذلك المهاجر؟ ألم يأخذ قبضة من أثر هذا الملك. وكانت هذه القبضة وبالا على بني إسرائيل. لقد ساهم السامري بهذه القبضة في صناعة عجل من ذهب عبده المنحرفين من بني إسرائيل وأشربوا في قلوبهم حب هذا العجل. وكان هذا الحب وبالا فيما بعد على الجنس البشري.
إن السامري هاجر وبعد الهجرة ظهر ما في نفسه. قال تعالى لموسى عليه السلام عندما ذهب للقاء (إنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري) (4)، والفتنة هي الامتحان والاختبار. وعندما عاد موسى عليه السلام وعلم بما حدث. أخبر عنه الله تعالى: (قال فما خطبك يا سامري * قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي) (5).
أنظر إلى قوله (سولت لي نفسي) فالنفس طريق الإنسان إلى ربه. ولقد أقام الله على الإنسان الحجة فيها، فألهمه طريق الفجور وطريق التقوى. فمن انغمس في