الأمر مفسد. وأدغل في الأمر أي: أدخل فيه ما يفسده ويخالفه، ورجل مدغل أي: مخاب مفسد (1).
وبالجملة نقول: إن الذي في قلبه مرض، لا يدخل في دائرة النفاق، لأنه محسوب على دائرة الذين آمنوا. وكل منافق في قلبه مرض، بمعنى في قلبه هدف لا علاقة له بأي هدف من أهداف الذين آمنوا. لأن الإيمان لم يدخل قلبه بصورة من الصورة. وما في قلبه فهو للصد عن سبيل الله ولا غير ذلك، لذلك نقول والله تعالى أعلم إن حديث الارتداد الذي رواه أصحاب الصحاح ينطبق على من كان يجلس في دائرة الذين آمنوا ثم ارتد عنها. ولا ينطبق على المنافق الذي لم يؤمن أصلا حتى يرتد. وفي الحديث عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرد علي يوم القيامة، رهط من أصحابي، فيحولون عن الحوض. فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقهرى " (2) فالمنافق لم يؤمن حتى يرتد. إلا إذا كان قد آمن بعد ذلك ثم ارتد. ومن الدليل على بطلان قول من قولوا، إن الحديث يختص بالمنافقين. الحديث الذي رواه ابن عساكر وابن النجار عن أبي الدرداء أنه لما بلغه الحديث قال: قلت يا رسول بلغني أنك قلت ليكفرن أقوام بعد إيمانهم. قال: نعم ولست منهم (3) وفي رواية عند البيهقي قال: فأتيت رسول الله فذكرت له ذلك فقال: إنك لست منهم (4).
إن دائرة النفاق وتيار الذين في قلوبهم مرض. بذرتان في تربة واحدة يسقيان من ماء واحد، ولكل شجرة منهما ثمار وأزهار، لا طعم فيهما ولا رائحة. أنبتهما الله من الأرض لحكمة ومن وراء الحكمة هدفا. (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم * فليعلمن